منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

دكتور ليلى الضو ابوشمال تكتب التنوع نعمة أم نقمة

0

حينما خلق الله البشر لم يجعلهم نوعا واحدا لا في اللون ولا في الطول ولا في الصفات الأخرى للبشر ،، بل كان أصل الكون التنوع ولم يعجزه جل وعلا أن يجعلهم أمة واحدة في الصفات والطباع واللون والعرق،، ولكن كانت حكمته البالغة البليغة في حسن ادارة هذا التنوع وجعل لذلك ميزانا واحدا يزن به ويقيس وهو أن ( أكرمكم عند الله أتقاكم) فلا يأتين البشر يوم القيامة ليتفاضلوا بحسبهم ولا بمالهم ولا بقبيلتهم ، وانما بعملهم الذي تقاس به درجات التقوى ،،حين جاء الإسلام ودعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالتوحيد والإيمان بكتاب الله كانت من اهم رسائله للمجتمع الجاهلي أن ينبذ ما كان فيه المجتمع من عادات وأعراف تبني الانهزام النفسي لتلك النفس التي أكرمها الله وخلقها في احسن تقويم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينتهي نسبه إلى أشراف مكة، واعز قبائلها ليدعوا لتحرير الرقاب ونصرة الضعفاء،، حيث ما كانت لتكون الدعوة من مستضعف ومنهزم نفسيا وانما من اعز الرجال وأشرف القبائل بحسابات ذلك المجتمع في ذاك الوقت، والملاحظ أن هذه الدعوة كلها عززت من أفواه أقوياء القبائل وأعزهم كأمثال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وغيرهم ممن أعز الله بهم الاسلام ونصر بهم المستضعفين،، ولنا في قول ابن الخطاب مثالا حيا خالدا ( متى استعبدتوا الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا)، ويكفي هذه المقولة أن تكون ميثاقا لحقوق الانسان الذي كرمه الله وفضله على كثير من خلقه ولو كنا نفعل كمسلمين ذلك ما كانت دعوة الغرب و مناداتها بحقوق الإنسان،،
لم يكن هذا التنوع العرقي والقبلي سمة من سمات دول كثيرة في هذا الكون الا أن الله قد حبا به السودان دولة اتسعت مساحتها واتسعت قبائلها وسحناتها ،،الا أننا لم نتخذ من ذلك الا الجانب السلبي الذي أضاع لنا كثيرا من الايجابيات والمحاسن التي كان يمكن أن تؤدي بنا إلى التطور والبناء والتعمير، وذلك لأننا جعلنا معايير للمفاضلة تحمل جاهلية المجتمع الذي أنزل الله فيه رسالة الحق والسماء فكنا مع كامل الأسف (دولة فيها جاهلية ) ،تعلمنا فلم يزيدنا العلم الا جهلا وغرورا،، تصاهرنا فلم يكن الا اثباتا لنظرية الجهل الأولى، تشاركنا في الحكم فلم يزيدنا الا تفرقة،،،، ويبقى السؤال لماذا كل ذلك؟ ،، لأننا كنا ولا زلنا نرى بعيون أجدادنا ونحكم بأعرافنا ، والقناعات لا تزيلها المعلومات ،،وأسال مجرب ولا تسأل طبيب مثل من أمثالنا الشعبية ونظرية لا ترقى للتطبيق،، وكغيره من الحكم والأقوال التي توارثناها ولم نتدبرها،،،و لنعلم أن القول ما قاله الله سبحانه وتعالى وليس ما قاله الأجداد حيث لا يصلح قولهم في كل موقف وفي كل حين ، الا أن الله عز وجل لم يقل الا ما يصلح ليكون قانون يحكم الإنسان ما بقي على هذه الأرض حيا يعيش ويتعايش مع البشر (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير)، كيف ندير معركة هذا التنوع حتى لا نستقطع منه قطعة أخرى …هذا هو التحدي وهذا هو الوعي المطلوب
كل أجزاءه لنا وطن اذ نباهي به ونفتتن
نتغنى بحسنه أبدا دونه لا يروقنا حسن
ويظل السودان في حدقات العيون

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.