منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

صلاح محمد عبد الدائم (شكوكو)يكتب : *إنصاف الأستاذة الفنانة إنصاف فتحي*

0

الفنان عندنا يمارس فنه دون رؤية معينة .. ودون تخطيط مسبق .. يمكن القول عنه بأنه تلقائي تحركه الظروف والوقائع التي يمر بها كما تشاء الصدف .

لذلك تجد الكثيرين منهم بلا طموح ولا رؤية .. بل أن الكثيرين يعيشون حالة الشهرة ويعتبرونها آخر المطاف .. ومع كل عام جديد تزيد أعمارهم وهم في ذات المكان لايبارحونه للأمام .

كثيرون تستغرقهم وتغرقهم إرتباطات الحفلات دون ترتيب أو تنظيم أو فترات راحة .. أو استراحة أو إسترخاءات لتصفية الذهن واراحة الحبال الصوتية .

لكن هناك ماهو أهم من كل ذلك .. أن يلم الفنان بأدوات العمل وأقلها معرفة (النوتة الموسيقية) .. ولا نقول أن يتعلم آلة موسيقية تمكنه من قياس قدراته وإمكانياته ..

هذا بالطبع ليس كل الأمر .. فهناك التحصيل العلمي الذي يرفع شأن الفنان ويجعله متسلح بالعلم الذي يوسع مداركة ويقوي شخصيته ويجعله يعبر عن نفسه بثقة وإقتدار .

صحيح أن في تاريخ الفن السوداني هناك بعض الشخصيات الفنية التي برعت رغم أميتها التعليمية .. لكن ذلك في أونات مضت لم يكن للعلم حيز فيها .. وتلك ظروفهم التي نشأوا فيها .

لكن اليوم لا عذر للجهل بنوعية العلمي والتقني والفني ..

الأستاذه إنصاف فتحي حالة خاصة .. لأنها لم تتخذ الغناء حرفة يتيمة رغم براعتها .. بل توجتها بقسط وافر من المثابرة والتعلم والرقي ..

لم تتوقف في محطة الجامعة .. رغم أنها مرحلة في عالم المبدعين تعتبر محطة عبور .. بل جاهدت نفسها وذاتها لنيل ماهو أرفع من ذلك لتتحصل على درجة الماجستير في الهندسة .

حينما أقول الهندسة فإنني أشير الى مجال في أصله يحتاج إلى مواصفات خاصة وإجتهاد ومثابرة في جوانب علمية حية ..

ليس هذا فحسب .. بل لتحضّر في مجلات عليا لابد لك من أن تتخرج من الجامعة بدرجة جيدة تؤهلك هذه الدرجة للتحضير وولوج مدارج العلم بثبات .

ولا أتصور أنها توقفت في مرحلة الماجستير .. بل في إعتقادي الشخصي أن طموحها سيجعلها تطمح للمعالي وتتوج ذاتها بدرجة الدكتوراه .. وهنا فإنها ستتوج ذاتها وبعد ذلك فنها بنصر مؤزر .

ثم ماذا سيكون الأمر حينما نجد ان الاستاذه انصاف هي ذلكم الصوت الطروب .. وصاحبة الشدو والنغم الجميل .. الذي جمل الأداء .. ووسع مواعين الطرب .. في وقت يتخفى فيه كثير من الفنانين وراء صخب الموسيقى واللحن .

في تصوري ان الاستاذه انصاف تعتبر واحدة من الذين يحافظون على أصالة الغناء السوداني والمحافظة عليه من التشويه الذي يمارسه بعض المغنيين .

في كل مرحلة يظهر فنان حقيقي وسط عاصفة من المغنيبن الخاوين .. يثبت بشخصيته وأداءه أركان الفن والأداء الرصين ويجدد روح الفن .

وليس غريبا أن يكون لها مشروع فني كبير بجانب مشروعها الأكاديمي .. ولا اتصور أن تفوقها الأكاديمي خاص بها .. بل هو ذو تأثير عام .. لانه سينعكس على ادائها الفني وشخصيتها بصورة مباشرة .

المتأمل لمسيرة الأستاذه إنصاف سيكتشف دون عناء أنها لا تشبه الآخرين .. هناك مسافة واسعة بينها وبين الآخرين .

سيكتشف دون عناء أنها تحترم نفسها حتى في هندامها وكلامها .. وتصريحاتها .. وانفعالاتها .

بناء على ذلك سيجد المرء أن جمهورها أيضا جمهور متميز .. وحتى لو كان من البسطاء فإنه سيتعاطى معها بما يليق بها ومكانتها ..

الشواهد كلها تقول أنها تلقائية وبسيطة مع البسطاء .. فكل يوم نجدها تضع صور الذين حولها بكل أريحية ونقاء لأنها واثقة من ذاتها وليس هناك ما يجعلها تستحي منه .

نعم .. تفعل ذلك بكل تواضع وثقة .. فتكبر كل يوم وتتسلق سلم الإرتقاء بخطوات واثقة .. وواثق الخطوة يمشي ملكا ..

عندما تشارك في أي محفل خارجي لتمثل السودان .. تجد الترحيب والثقة والدعم لأنها ببساطة تحترم ذاتها وفنها وبلدها .. مما يشي بأن مردودها سيكون جيدا ومشرفا .

التحية للاستاذه أنصاف ونحن ننصفها بما تستحق .. التحية لها وهي تشدو وتطرب وتمتع وتعيد تدوير الغناء القديم بروح جديدة وصوت شجي لتضعه في الصدارة .. وتعرف جيل اليوم بموروثنا الفني الذي طمس معالمة بعض المغنيين .

تحية نضرة .. وتحية إنصاف للأستاذه المهندسة إنصاف .
.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.