منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

فاطمة رابح تكتب: *زيجاتٌ بين سندان الحرب ومطرقة الخوف*

0

ورد و شوك
علي الرغم من قسوة الحياة التي فرضتها أوضاع الحرب المدمرة التي تعيشها البلاد، إلا أن مناطق الحرب التي تعاني من الخراب والدمار ويحوم حولها الموت تأتي منها قصصٌ مفرحة من رحم الوجع الكبير..!
زيجاتٌ كثيرة شهدتها مناطق ملتهبة في الخرطوم و الجزيرة ودارفور وأخرى وسط النازحين داخل الوطن و اللاجئين خارجه الذين فروا إلى دول اخرى مجاورة وبعيدة التماسا للأمن،بعضهم طرقت بابه السعادة رغم الحزن باستقبال مولود جديد أو مناسبة زواج سعيد، هي حالات شهدتها أيضا معسكرات النزوح.

قد يتعجب البعض منا و يعقد حاجبي الدهشة تجاه أناس نحسبهم جريئينَ باتخاذ قرارات مصيرية في اوقات وظروف صعبة، مثل الزواج في أوقات غير مناسبة، والموت يرفرف بجناحيه حول مناطق الصراع،

البعض يوصفها َبأنها خطوة مجنونة في زمن المِحِنَة، ولكن ينسون أو يتناسون أنها سنة الحياة التي تمضي بإرادة الله.

إن الزواج في زمن الحرب تجربة تستدعي أن توثق بكل تفاصيلها المفرحة والمحزنة، وتستدعي حشد مظاهر الفرح و التهاني والتبريكات كونها تتضمن وتبعثَ رسائل إيجابية عامرة التفاؤل، وأن الحياة لابد من أن تستمر مهما كانت العواصف والكوارث َوالأنواءً، وهي تجارب تستفز اعداءنا..وتمنحنا القوة والعزيمة والامل في حياة طيبة كريمة مقبلة، ونؤكد لنا انه لا مستحيل مع هذه الظروف الصعبة القاسية.

لقد انتصرت قصة حب بين شاب وشاية حيث توجت بزاوجهما في قرية من قري جنوب ولاية الجزيرة التي تعيش أكبر النكبات بسبب جرائم مليشيا الحرب.. وهناك أمثلة اخرى لزيجات تمت في مدني وغيرها من المناطق على الرغم من أن يد المتمردين طالت كل التجهيزات والترتيبات المعدة مسبقاً، من سرقة مهر الزواج والمدخر لإحياء المناسبة وشيلة العرس و المأكولات وشراء والشنطة آلخ..بل عاثواَفي الارض فساداً وإفسادا باتباع فنون و أساليب لزعزعة وجهجهة الزيجات..!
اذا اقتحموا بيوت المناسبة مدججين بالأسلحة الثقيلة ملثمين ويطلقون الرصاص بشكل عشوائي لينفض تجمع المعازيم واياديهم في قلوبهم خيفة من الموت، كما ان المتمردين يسرقون طعام العرس ويحملونه على التأتشرات ويتركون المكان حزينا خاويا بلا مظاهر فرح..إنها تراجيديا تبعث على البكاء وعلى الضحك في آن..!
وبعد أن يختبئ المعازيم ويلزموا بيوتهم خشية من بطش العدو، يعودون ثانية لكن بعد التأكد من خروج المتمردين من القرية وإلى ابعد حدودها، حيث يستانفون من جديد مراسم العُرس.. ولكن في صمت جنائزي وفرح مكتوم بلا صوت.. يقدمون التهاني و التبريكات في حذر جبرا للخواطر وتشجيعا للعروسين واهلها..
لا زغاريد ولا قرع طبول أو أي نوع من مظاهر طقوس البيت السوداني التي تقام في الأفراح والمناسبات السعيدة وإذا ما أقيمت بهكذا شكل يعلم بها المتمردون ويعودوا للعبث من جديد بالسكان.. حينها لا يجد أهل القرية بعريسيها فرصة للعيش في المنطقة سوي الفرار ليلا للنجاة من هؤلاء الشياطين الاشرار الذي عاثوا في الأرض فساداً لا نظير له.
وفي هذه المناطق المغلوب على أمرها تمت في هدوء وتكتم زيجات السترة خوفاً على الشرف من أن يُنتهك و بصداق ميسر ومأذون يصل إلى محل العَقِد من مسافة بعيدة في رحلة محفوفة بالمخاطر، فإذا ما وقع في مصيدة المليشيا لن ينفك منها، وقد يلقى حتفه بحجة انه كوز او نظامي في الجيش السوداني.. َالخ.

وأما الحالة المشابهة في كل الزيجات هي أن الابتسامة يكسرها الألم والملابس والزينة التي يرتديها العروسان عادية،لا فستان زفاف ولا طرحة ولا صديري، والانامل والايدي بلا خضاب…! ولا قسيمة زواج مكتوبة ولا مايكرفون..!
المناسبة.. ايادي تتسابق بالسلام.. ونوايا بيضاء..

*خارج النص*

دروب الحياة إلى أين تسوقنا..؟

وحتي نلتقيكم على الموعد.. نستودعكم الله في حفظه ورعايته..

و حتماً سنعود باذن الله.. وفي امان الله
…..

#منصة_اشواق_السودان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.