منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د. ابراهيم البشير عثمان يكتب : في المسرح السياسي الدبلوماسي للحرب على السودان (2-6)

0

د. ابراهيم البشير عثمان يكتب :

في المسرح السياسي الدبلوماسي للحرب على السودان
(2-6)

قانوني شديد الدقة و التفصيل كما شهدت وظيفة التمثيل الدبلوماسي . فمنذ مؤتمر فينا 1815حين نشأت فكرة التمثيل الدبلوماسي المقيم ، مرورا بكل تعرجات العلاقات بين الدول- عبر القرون – حتى ميثاق الأمم المتحدة ، و انتهاء باتفاقية فينا 1961 التي تفصل بدقة ما يجب التزامه في ممارسة التمثيل الدبلوماسي . ثم اتفاقية فينا 1963 التي تنظم بذات النهج العلاقات القنصلية . هذه هي أدوات القانون الدولي الحاكمة للتمثيل الدبلوماسي . غير أن سفراء هذه الكتلة استمرأوا استباحة البلاد و انتهاك سيادتها . فلقد كان منسوبو الكتلة الثالثة في هذا الحلف (كما نبين ادناه ) موظفون تحت ادارة هذه الكتلة الأولى . فهي التي دفعت، و ما انفكت تدفع ، رواتبهم و تكاليف حركاتهم ، و هي التي كانت تصنع سياسة البلاد الداخلية و الخارجية في سنوات حمدوك و قحت ، و هي التي ترفع اليها تقارير أدائهم . بل ذهبت هذه الكتلة في يناير 2020 الى مخاطبة الأمين العام للأمم المتحدة سرا ،(باسم حمدوك) لأنشاء بعثة سياسية تتولى بالكامل ادارة السودان في جميع شعاب الادرة . و بذلك سعت بتخف ماكر لتصفية استقلال البلاد و وضعها فعليا تحت الأنتداب الدولي .
تلك كانت حالة ” الرق المنحوس ” التي وفرتها غيبوبة الدهر الكبرى في أخر 2018 و ما بعده . فقد تهيأت سوانح تولدت منها اغراءت المتربص الأجنبي بأستعمار السودان…
” االرق المنحوس ” (بهذه المناسبة ) مصطلح نحته العلامة عبدالرحمن الكواكبي عندما كان يخط كتابه الموسوم ” طبائع الاستبداد و مصارع الأستعباد ” ، ويعني به هيمنة و استغلال القوى الأجنبية المترصدة لحالة الضعف المتردي في دولة ما قضت أقدار الله أن تنزلق في مهاوي التيه العدمي . فلقد تلقفت هذه الكتلة – المترصدة أصلا بالسودان – حالة الغيبوبة حينذاك ، وتولت بذاتها التحكم في وجهة البلاد .

و الكتلة الثانية:
تحالف اقليمي من تشاد ، و بعض اعيان دول الساحل الأفريقي ، وأفريقيا الوسطى ، وكينيا ، ويوغندا ، و اثيوبيا، و ليبيا حفتر، و جنوب السودان..ثم عناصر قيادية في المنظمات الاقليمية ( الاتحاد الأفريقي و الايقاد) . وقد ضخ بين عناصر هذه الكتلة مال سياسي كثيف اتخذ صورا متعددة ، حتى ازكمت أخبار الرشاوي أنوف الأفارقة على نحو لم يسجل التاريخ له نظائرا . المراد من هذه الكتلة توفير إسناد اقليمي قاري تطوره حليفتها الكتلة الأولى – حين نجاحها في الاستيلاء على البلاد و تدمير جيشها – الى إسناد دولي يدعم ويعترف بنتائج امانيهم في مشروع تفكيك السودان.

الكتلة الثالثة :
صنعت الكتلتان – الدولية و القارية – تحالفا سودانيا وظيفيا داخليا تخيروا لعناصره كيانات و احزاب وافراد تتولى ظاهريا قيادة البلاد على اثار أمانيهم في تحطيم الجيش السوداني و قتل قيادته ، كما كانت تمضي مخططاتهم في منتصف ابريل 2023 . كانت امانيهم الجانحة أن يكون الأمر خاطفا في بضع ساعات أو بضع أيام . و كان ذلك التاريخ هو الذي يشهد ميلاد دولة جديدة ، بقيامها يزيلون فعليا من خريطة العالم بلدا أسمه السودان كما يعرف نفسه ، و كما يعرفه العالم . وقد أعدوا الساحتين الاقليمية و الدولية لاستقبال هذا السقط الحرام و الأعتراف به.

المنهج المصمم لبلوغ ذلك الهدف الاستراتيجي ، هو ذات المنهج الذي جربته – قبل ثمانبة عقود – اطراف الكتلة الأولى نفسها في فلسطين , حين مكنت بريطانيا و حليفاتها العصابات الصهيونية من ارض فلسطين . ضع مليشيا الدعم السريع اليوم مكان عصابات الصهاينة ، الهاغاناه و والارجون في اربعينات القرن الماضي ، و ضع حميدتي و اخيه في مكان شامير و مناحم بيجن ، و سيمثل بين ناظريك تطابق السلوك و الاداء الميداني لدي العصابات الصهيونية في فلسطين و عصابات المليشيا الجنجويدية في السودان , و سيستبين لك في كلا الحالين تطابق المنهج بالتمام و دون أدنى شطح او تزيد . فإن ما اعدوه للسودان هو اعادة انتاج المنهج الصهيوني –

( الاستعماري – الاستيطاني – الاستئصالي- الأحلالي ) المجرب القديم.
د. ابراهيم البشير عثمان
سفير سابق وأستاذ العلوم السياسية

#منصة-اشواق-السودان

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.