منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

و قل اعملوا د. عبد الله جماع يكتب : ملتقى الأعمال المصري السوداني بين الأشواق والأشواك

0

و قل اعملوا
د. عبد الله جماع يكتب :

ملتقى الأعمال المصري السوداني بين الأشواق والأشواك

انعقد مؤخرا في القاهرة ملتقي بين رجال الاعمال السودانيين والمصريين بغرض مناقشة فرص الاستثمار بين البلدين ، وخلق سبل وطرائق لتطويرها وازالة معوقاتها. بدءاً يقال : ان حركة الرساميل الاستثمارية بين الدول تتطلب عنصرا اساسيا قبل الدخول في ما يمكن ان يُثتثمر فيه، الا و هو( *القبول* *المجتمعي* *لتلك* *الاموال* ). بمعني ان تلك الاموال الوافدة للاستثمار مرحبا بها في ذلك البلد المضيف. وهذا الشرط ولله الحمد متوفر وبدرجة عالية جدا بين السودان ومصر. فالشعبين كلا منهما مكملا للاخر. او هكذا هو قول الجغرافيا والتاريخ والعلائق الاجتماعية بينهما علي مدي العصور. وتوفر هذا الشرط المتين في حد ذاته اهم من تدفق الاموال ذاتها للاستثمار. باعتبارها ليست اموالا غريبة يرفضها الوجدان الشعبي. وبهذه القاعدة النفسية الهامة سيتحقق كل مايصبو اليه المستثمر ليدخل في مجال استثماره بكل طمأنينة وامان. لايخشي علي امواله الا تقلبات العرض والطلب والمهددات الخارجية الطبيعية الخارجة عن السيطرة البشرية من فيضانات وحروب وزلازل…الخ..الا انه علي الرغم من توفر فرص الاستثمار الواعدة وجاذيتها وخاصة ماهو متاح وواعد بالسودان في شتي مجالات الاستثمار ، الا ان المستفاد منه والقائم فعليا من استثمارات ضئيل جدا ولا يكاد يري بالعين المجردة. مع عمق كل هذا التاريخ الممتد بين البلدين. وتوفر كافة الفرص المؤدية لذلك .ثم ياتي هذا المؤتمر لرجال اعمال البلدين لتدبيج الادبيات الانشائية المنمقة المعسولة وكانهم اكتشفوا بعضهم لبعض الان..فاين مردود كل ذلك التاريخ الطويل من اعمال استثمارية ضخمة ذات عوائد اقتصادية تجلب المنفعة للشعبين. وهذه امنية واشواق الكثيرين من الشعبين..ولا ادري هل هذا هو اول ملتقي يعقد لهذا الغرض ام كانت هناك قبله مؤتمرات مماثلة قد عقدت ..فان سبقته اخريات فيمكن القول ونؤكد عليه ان كلام الشعراء لن يجلب ( باسطة) بناءً علي نظرية طفل مع والده الشاعر. حيث طلب من والده احضار باسطة له عند عودته من نهاية الدوام ..ولكن الوالد الشاعر عاد للمنزل الا انه و لسبب ما لم يُلبِ طلب طفله باحضار الباسطة له لكنه اراد ان يستخدم معه منمق ومعسول الكلام ليقنعه عن اسباب عدم تلبية الطلب ( بحنك الشعراء)، فانبري اليه طفله رادا له علي حنكه الغير مثمر. قائلا له ( يابابا كلام الشعراء دا مابجيب باسطة.. فاين الباسطة)؟ فعليه في ملتقي المستثمرين السوداني المصري هذا ومادبجت فيه من اوراق عمل يتقطر من احبارها اللؤلؤ والمرجان والعسل ولكنها هل ستاتي بالباسطة اقصد الاستثمار ذو العائد الاقتصادي النافع و القوي للبلدين الشقيقين.. علما بانه قد افاد رئيس شعبة العقارات المصري بان جملة الاستثمارات السودانية في المجال العقاري قد بلغت في مصر 20 مليار دولار . فهذا حسنا ولكن الاستثمار في العقار يعرف بالاستثمار ( الجبان) او الكسول. فهو وسيلة لحفظ رؤوس الاموال من التاّكل والتلاشي ولكنه لن يساعد كثيرا في دورة الاموال وايجاد فرص عمل محرزة لتشغيل الايدي العاملة لخفض نسبة البطالة والفقر.. ولكنه في النهاية سيخلق فرص للتلاقي الاستثماري بطريقة او اخري. وانطلاقا من هذه الرؤية الاستثمارية المبتغاه بين البلدين.وهنا تكمن الامنيات العذبة للشعبين الشقيقين. بيد اننا مع هذا كله نجد ان المستفيد الاكبر من الحركة الاقتصادية عموما هو الجانب المصري. وحتي هذه الحركة الاقتصادية محصورة في النشاط التجاري العشوائي فقط و المتمثل في جلب المنتجات السودانية بشقيها الزراعي والحيواني دون ان يقابل ذلك من حركة تجارية مماثلة و نشطة من الجانب المصري .. هذا وقد اشارت بعض المصادر العالمية ولا ندري مدي صحتها ان 40% من الاقتصاد المصري يعتمد اعتمادا كليا علي السودان. بل ليست مصر هي لوحدها من يستأثر بهذه الموارد والمنتجات السودانية وانما هناك ست دول اخري مجاورة للسودان تستفيد من موارده ولكن بكل اسف بصورة ( عشوائية) لايقابلها عائدا للسودان بنفس حجم نشاط تلك الحركة التجارية القائمة..اما الملتقي او المؤتمر الاستثماري المصري السوداني ان كان غرضه كما هو معلن هو تفعيل الاستثمار بين البلدين بعيدا عن احاديث الشعراء(و الاشواق والامنيات) فتلك بطبيعة الحال. لن تجلب استثمارا او تقيم صروحا اقتصادية شامخة تعود علي البلدين بالمنفعة والخيرات ولو تكررت تلك المؤتمرات و لمرات عديدة.. لان اشواق الاستثمار تصطدم دائما وابدا بعقبات السياسة والقوانين المكبلة لحركتها وانطلاقها . فقبل ان يجف الحبر الذي كتبت به توصيات مؤتمر الاستثمار هذا قامت السلطات المصرية بالغاء او تجميد الافادة الامنية التي تقيد وتكبل انسياب حركة السفر من والي مصر وقبلها لكي يتم الحصول علي تاشيرة دخول لمصر عليك الانتظار لعدة شهور مع استخدام الطرق الملتوية احيانا ان شئت .. ثم قبلها كانت الحريات ال(4) الموقعة بين البلدين منذ سنوات مضت ولكنها وبكل اسف راحت ( ادارج الرياح…شمار في مرقة)..فالاشواق والامنيات لوحدها لن تخلق استثمارا فعالا بين البلدين وكما يتمناه شعبيهما . اذا لم تزال كافة ( *اشواك* *القوانين* *والسياسة* ).. حتي لو غير النيل مجراه..!!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.