عمار العركي يكتب .. _طريق ليبيا- دارفورالصحراوي:هل يُمهِّد لتقسيم السودان أم يعيد تشكيل خارطة النفوذ؟_
عمار العركي يكتب ..
_طريق ليبيا- دارفورالصحراوي:هل يُمهِّد لتقسيم السودان أم يعيد تشكيل خارطة النفوذ؟_
* في تغريدة بدت للوهلة الأولى كخبر ميداني، أعلن مني أركو مناوي عن تمكن القوات المسلحة السودانية والمشتركة والمقاومة الشعبية من كسر شوكة قوة عسكرية ضاربة تضم أكثر من 546 سيارة محملة بالعتاد العسكري، يقودها عبد الرحيم دقلو بنفسه. هذه القوة كانت تهدف لفتح الطريق الصحراوي بين ليبيا ودارفور.
* ورغم أن التغريدة تبدو كتصريح عسكري عابر، إلا أن سطورها تحمل في طياتها أبعاداً استراتيجية ودولية معقدة. تحرك هذه القوة يتزامن مع لقاء جمع “خليفة حفتر” بالرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” في القاهرة، بعد ثلاث سنوات من آخر لقاء بينهما، في مشهد يوحي بترابط بين الأحداث العسكرية والسياسية. فكيف يرتبط فتح هذا الطريق الصحراوي بالمصالح الإقليمية والدولية؟ وهل تُدار معركة السودان داخلياً فقط، أم أن أطرافاً إقليمية، كحفتر ومصر وتركيا، تلعب دوراً محورياً في صياغة المشهد؟
*_ظهور عبد الرحيم دقلو في قيادة المعركة_*
* ظهور عبد الرحيم دقلو، الرجل الثاني ونائب (حميدتي)، وقيادته لقوات فتح الطريق الصحراوي؛ يحمل دلالات استراتيجية وسياسية؛ فمن الناحية العسكرية، يعكس ذلك سعي المليشيا لتعزيز معنوياتها وإظهار قدرتها على التصدي للهزائم المتلاحقة عبر إقحام قياداتها العليا في المواجهات؛ سياسياً، فإنه يشير إلى إستمرار محاولات المليشيا في إسقاط الفاشروإقامة دولتها هناك ؛ولتأكيد السيطرة واستعراض القوة أمام خصومها الداخليين والخارجيين، في ظل تراجع نفوذها على الأرض.
*_فتح الطريق بين ليبيا ودارفور_*
* تحركات المليشيا لفتح الطريق الصحراوي الرابط بين ليبيا ودارفور تعكس استراتيجية أوسع لتعزيز خطوط الإمداد العسكري والتواصل مع القوى الخارجية الداعمة. وتسهيل تدفق الأسلحة والذخائر؛ تعزيز الإمدادات اللوجستية للمليشيا؛ نقل المرتزقة من وإلى السودان ؛خلق ممر استراتيجي قد يُستخدم كمنفذ للهروب أو إعادة التنظيم ؛ وقوف حكومة حفتر في ليبيا خلف كل هذا وعلاقتها الوطيدة بالمليشيا السودانية يطرح تساؤلات حول مدى تورط حفتر في دعم المليشيا والحرب ، خاصة أن تقارير عديدة تشير إلى وجود مرتزقة ليبيين يقاتلون ضمن صفوف المليشيا . هذا الدعم قد يكون مدفوعاً بأسباب مالية أو بتنسيق استراتيجي أعمق، حيث يرى حفتر في السودان فرصة لتعزيز نفوذه الإقليمي واستثمار الفوضى لصالحه.
*_صمت سوداني تجاه حفتر_*
* هناك صمت سوداني تجاه دور “خليفة حفتر”، يحمل أبعاداً سياسية ودبلوماسية معقدة. “حفتر” يُعتبر حليفاً رئيسياً لمصر، التي تلعب دوراً مهماً في المشهد السوداني. احتمالية تواطؤ حفتر مع المليشيا بإيعاز من الإمارات قد يفُسر عدم اتخاذ السودان موقفاً حازماً، خشية ااتأثير على العلاقة مع القاهرة.
*_زيارة حفتر إلى القاهرة ولقاؤه بالسيسي_*
* زيارة حفتر الأخيرة إلى القاهرة قبل 24 ساعة من تحرك “عبد الرحيم دقلو” لفتح الطريقر، تعكس تنسيقاً بين مصر وحفتر حول عدة ملفات، قد يكون الملف السوداني أحدها. التحركات المصرية نحو حفتر يمكن قراءتها من عدة زوايا؛ فالقاهرة تسعى لضمان استقرار حدودها الغربية والجنوبية في ظل الحرب في السودان ؛ مصر تعتبر السودان منطقة نفوذ استراتيجي وتحرص على عدم تحول ما يدور في السودان إلى تهديد مباشر؛ ولربما تهدف مصر إلى ضمان عدم تصعيد حفتر لدوره في دعم المليشيا.
*_إزدحام الطريق : تركيا تزاحم مصر وحفتر حليف انتهازي_*
* دخول “تركيا “في المشهد السوداني يهدد مصالح “مصر” ويعيد رسم خارطة التحالفات في المنطقة؛ و”حفتر” حليف “مصر” يُعد فاعلاً إقليمياً مؤثراً، وتحركاته الأخيرة تشير إلى محاولاته توسيع نفوذه عبر دعم المليشيا مع مزاودة وإبتزاز “لمصر” من خلال سيطرته علي الحدود معها وتصديه لنفوذ “تركيا” في الغرب وعلي الحدود ؛ وشواهد العلاقة الإبتزازية واضحة في مخرجات لقاء حفتر بالسيسي؛ والسعي إلي إبرام صفقات اقتصادية وتنموية وعسكرية كحليف قوي لمصر وداعم لها بما يخدم مصالحها.
*_التوازن الإستراتيجي والصمت السوداني_*
* السيطرة التركية على الغرب الليبي تضع “مصر” في موقف حرج، ويزداد حرجاً ، بتوسع نفوذ “أنقرة” في المنطقة، ما يجعل تدخلها في السودان غير مستبعد، ليصبح “الطريق الصحراوي” جزءاً من لعبة التوازن بين القوى الإقليمية، حيث تسعى تركيا لتثبيت حضورها من خلال دعم أطراف تتعارض مصالحها مع مصر.
* مع ذلك، يبقى الصمت السوداني الرسمي تجاه دور حفتر وهذا التزاحم لغزاً محيراً ؟ التفسر يذهب في رغبة السودان في تجنب مواجهة مباشرة مع القاهرة التي تدعم حفتر وتعتبر مصر “حفتر ” ضامن مهم لأمنها الحدودي مع ليبيا بشكل مباشر وان كان يهدد أمنها الحدودي الجنوبي ولكن بشكل غير مباشر مما جعل من حفتر لاعب مهم في معادلة التوازن الإستراتيجي الإقليمي
*_خلاصة القول ومنتهاه_ :*
* الحرب في السودان منذ بدايتها حرب إقليمية قائمة علي صراع النفوذ وسباق المصالح ، حيث باتت الأطراف الإقليمية لاعباً أساسياً في تحديد مساراتها . التحشيد العسكري والدعم الخارجي يشكلان عوامل تهدد بتمديد أمد الحرب وتعقيد الحلول السياسية. المطلوب هو تعزيز الجهود الدبلوماسية لإغلاق قنوات الدعم الخارجي، وفرض آليات رقابة على الحدود، مع التركيز على تحييد أي تدخل إقليمي يزيد من تعقيد المشهد السوداني.
* تحركات “عبد الرحيم دقلو” ومحاولة فتح الطريق بين ليبيا ودارفور ليست مجرد خطوة عسكرية، بل جزء من لعبة جيوسياسية أوسع تضم أطرافاً إقليمية ودولية. مصر تجد نفسها بين ضرورة تأمين حدودها الجنوبية ومنع تدخلات تركية تهدد استقرارها الإقليمي. أما حفتر، فهو يسعى لتعزيز نفوذه عبر استثمار النزاعات الإقليمية لصالحه، اما فتح الطريق في الأساس، يمثل شريان حياة جديداً للمليشيا لتخطو اولي خطواتها الحقيقة نحو تفتيت وحدة السودان وتقسيمه .