منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

خبر و تحليل عمار العركي “*نبــض إفريــقيــا ”.. الإعــلام فــي خـدمــة النفــوذ الإثيوبــي*

0

خبر و تحليل عمار العركي

 

“*نبــض إفريــقيــا ”.. الإعــلام فــي خـدمــة النفــوذ الإثيوبــي*

______________________

في خطوة تحمل أبعادًا تتجاوز الإعلام إلى السياسة والجغرافيا، امس الثلاثاء 7 اكتوبر 2023م ، دشّن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا منصة إعلامية إقليمية باسم “نبض إفريقيا”، بحضور عدد من المسؤولين وممثلي الاتحاد الإفريقي ومؤسسات إعلامية من القارة.

منصة “نبض افريقيا” ليست مجرد مشروع إعلامي، بل تتويج لفكرة قديمة طرحها آبي أحمد نفسه خلال الدورة الخامسة والثلاثين للجمعية العامة للاتحاد الإفريقي 2022م، حين دعا إلى إنشاء منصة إفريقية تعبّر عن القارة من داخلها لا من خارجها، وتقدم روايتها الخاصة في مواجهة ما وصفه بالهيمنة الإعلامية الغربية والمصرية على الشأن الإفريقي.

إفتتاح المنصة في أديس أبابا لم يكن حدثًا عابرًا. فهو يأتي في وقت تعمل فيه إثيوبيا على تثبيت تموضعها الإقليمي كقوة فاعلة، مستفيدة من كونها مقر الاتحاد الإفريقي ومركز العديد من المنظمات القارية والدولية. وبذلك، تُضيف أديس أبابا بعدًا إعلاميًا إلى نفوذها السياسي والدبلوماسي القائم، في محاولة لتشكيل وعي إفريقي جديد ينسجم مع رؤيتها لدورها في القارة.

في الجوهر، تسعى أديس أبابا عبر “نبض إفريقيا” إلى امتلاك صوت إعلامي مؤثر يوازن – بل ويتحدى – الأصوات الإقليمية المنافسة، خصوصًا الإعلام المصري الذي ظل لعقود يهيمن على السردية الإفريقية والعربية في آنٍ واحد. المنصة تبدو كامتداد لسياسة إثيوبية مدروسة تعتمد “القوة الناعمة” لبناء النفوذ وتعزيز الحضور، بعد أن استخدمت القوة الدبلوماسية والعسكرية في ملفات مثل سد النهضة وحدود التقراي. واليوم، تنتقل المعركة إلى الميدان الإعلامي حيث تسعى إثيوبيا لتقديم نفسها كصوت القارة وحارس هويتها.

هذه الخطوة تحمل في طياتها رسائل متعددة. فهي من جهة تؤكد وعي القيادة الإثيوبية بأهمية الإعلام في إدارة النفوذ وصناعة الرأي العام، ومن جهة أخرى تكشف عن تحوّل نوعي في أدوات التنافس الإقليمي. فبدلًا من الاكتفاء بالتحالفات السياسية والمصالح الاقتصادية.

أثيوبيا، استدركت دور الإعلام المركزي في بناء الصورة الذهنية للدول، وفي رسم معادلات القوة داخل إفريقيا. وبذلك، تحاول إثيوبيا استباق الآخرين إلى ساحة التأثير، وتحويل أديس أبابا إلى مركز إشعاع إعلامي يوازي مكانتها السياسية في الاتحاد الإفريقي.

أما بالنسبة للسودان، فإن هذا التطور الإعلامي يطرح تحديًا وفرصة في آنٍ واحد. فالسودان الذي يعاني من ضعف إعلامي مزمن على المستويين المحلي والإقليمي، يجد نفسه اليوم أمام مشهد جديد تتسع فيه الفجوة الإعلامية بينه وبين القوى الإقليمية المحيطة. في ظل هذا الواقع، يصبح غياب الصوت السوداني القادر على مخاطبة الداخل الإفريقي خطرًا مضاعفًا، لأن الروايات التي تُصاغ في أديس أبابا أو القاهرة أو غيرهما ستظل هي التي تشكّل الصورة الذهنية عن السودان في القارة والعالم.

بالتالى مطلوب تحرك استراتيجي يعيد بناء المنظومة الإعلامية السودانية برؤية إقليمية واعية، تُفعّل الدبلوماسية الإعلامية وتستثمر في المنصات العابرة للحدود لتقديم سردية سودانية متماسكة ومؤثرة.

*_خـلاصــة القـول ومنتهــاه_*
* الخلاصة نُوجهـها لوزارتي الإعـلام والخـارجية وجهاز المخابـًـرات العامــة :-
إن إطلاق منصة “نبض إفريقيا” لا يمكن قراءته كحدث إعلامي محض، بل كجزء من مشروع استراتيجي إثيوبي متكامل لا يقل اهمية وتأثير عن سد النهضة ، لتوسيع النفوذ الإقليمي عبر أدوات القوة الناعمة.

منصة “نبض إفريقيا الإعلامية” ليس غاية، بل وسيلة لإعادة تشكيل ميزان القوى داخل القارة وتثبيت مركز أديس أبابا كعاصمة القرار الإفريقي، سياسيًا وإعلاميًا معًا.

وبقدر ما يعكس هذا التحول براعة إثيوبيا في توظيف الإعلام كأداة للنفوذ، فإنه يضع بقية دول المنطقة، وعلى رأسها السودان، أمام ضرورة إعادة النظر في مفهوم الأمن الإعلامي بوصفه أحد أركان الأمن القومي ومحددًا أساسيًا لمكانة الدول في عصر النفوذ الإعلامي العابر للحدود.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.