الصمغ العربي.. سلعة السودان الإستراتيجية يواجه تحديات
يعتبر السودان أكثر الدول انتاجًا للصمغ العربي والذي يصنف ضمن الأصماغ الطبيعية، وذلك نسبة لإنتاجه من الأشجار بحيث يكون في صورة إفرازات دمعية تتكون في ساق الشجرة، ومن أشهر الأشجار التي تنتج الصمغ العربي في السودان هما شجرتي الطلح والهشاب.
ينتج السودان ما يعادل (80)% من إنتاج الصمغ العربي عالميًا، ويعتبر إقليم كردفان بغرب السودان أحد أهم المناطق التي تلعب دورًا كبيرًا في إنتاج الصمغ العربي، نسبة لاحتوائه على (85)% من أشجار الهشاب الموجودة في السودان
وبحسب تقارير سابقة، يدخل الصمغ العربي في أكثر من (180) من الصناعات العالمية والتي تتضمن الصناعات الغذائية بالدرجة الأولى المتمثلة في الحلويات والمشروبات الغازية، ومن ثم تأتي الصناعات الدوائية والكيميائية كحبر الطباعة والورق وبعض الأدوات المكتبية الأمر الذي جعله بمثابة مكون رئيسي في عدد من الصناعات. وينتج السودان ما يعادل (80)% من إنتاج الصمغ العربي عالميًا، ويعتبر إقليم كردفان بغرب السودان أحد أهم المناطق التي تلعب دورًا كبيرًا في إنتاج الصمغ العربي، نسبة لاحتوائه على حوالي (85)% من أشجار الهشاب الموجودة في السودان.
يمتد حزام الصمغ العربي في أفريقيا من حدود السودان الشرقية مع دولة إثيوبيا إلى الحدود الغربية مع تشاد وأفريقيا الوسطى، ويمر هذا الحزام بـ(13) ولاية من بينها ولايتي النيل الأبيض والنيل الأزرق ودارفور، بحيث يغطي حزام الصمغ العربي خُمس مساحة السودان.
منتج إستراتيجي
وفي حديث للخبير الاقتصادي البروفيسور إبراهيم أونور خص به موقع “الترا سودان”، أكد أن الصمغ العربي يعتبر منتج إستراتيجي للصادرات السودانية، وتنبع أهميته من كون السودان يحتكر أكثر من (85)% من إنتاج الصمغ العربي العالمي بحسبما يصف، مؤكدًا أن الدول الأخرى التي تختص بإنتاج الصمغ العربي في حزام السافانا تنتج كميات ضئيلة مقارنة بإنتاج السودان بالرغم من محاولات الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وغيرها من الدول التي تستهلك هذا المنتج لدعم الإنتاج في هذه البلدان، إلا أن السودان ما يزال في الصدارة.
ويضيف البروفيسور إبراهيم، أن شجرة الصمغ العربي في السودان عانت من الإهمال خاصة بعض ظهور البترول والذهب، وأصبح جزءًا كبيرًا من الأشجار المنتجة للمصغ العربي يتعرض للقطع الجائر بغرض توفير الفحم النباتي، مؤكدًا أن توسعة المشاريع الزراعية في ولاية القضارف أدت إلى محو العديد من الغابات المنتجة للمصغ العربي، بحيث أن القضارف كانت تنتج كميات مقدرة من الصمغ العربي بعد ولاية شمال كردفان، والتي تعتبر من أكثر الولايات المنتجة للصمغ العربي في السودان.
وبالرغم من أن حصيلة صادرات الصمغ العربي ليست كبيرة مقارنة بمنتجات أخرى، إلى أنه يظل سلعة إستراتيجية يمكن أن توفر للدولة موارد ضخمة. وشدد بروفيسور على ضرورة تصنيع الصمغ العربي بدلًا من تصديره كمنتج خام، الأمر الذي من شأنه أن يوفر قيمة مضافة في عملية التصدير، ويؤكد البروف إبراهيم في حديثه أن المعوقات التي تواجه قطاع الصمغ العربي في السودان تدرج تحت المعوقات الإدارية، مدللًا على ذلك باختفاء شركة الصمغ العربي من السوق في إشارة منه لعدم الاهتمام بالصمغ العربي كمنتج إستراتيجي في السودان.
تحديات القطاع
يواجه إنتاج الصمغ العربي عدد من التحديات بحسب المتخصص في علوم الغابات والمراعي أزهري محمد، والذي قال في حديث لـ”الترا سودان” إن تدهور البيئة أحد أهم التحديات التي يواجهها القطاع، بحيث تؤثر التغيرات المناخية التي تطرأ على قطاع الصمغ العربي خاصة ارتفاع مستويات درجات الحرارة على الأشجار المنتجة للصمغ وتقلل من إنتاجها وذلك لارتباط ارتفاع درجات الحرارة بزيادة الإجهاد المائي، ويضيف أزهري أن قلة استخدام التكنولوجيا في حصاد الصمغ العربي هي تحدٍ كبير يجب على العاملين بالقطاع الاهتمام به، بحيث ما زالت تمارس الطرق البدائية في تجميع كتل الضمغ.
ويضيف أزهري ان استخدام التكنولولجيا في الزراعة في السودان يشكل نسبة ضئيلة جدًا، بينما يعتبر منعدمًا في قطاع الصمغ العربي، موضحًا أن العالم الآن أصبح يعتمد على الروبوتات في عملية الحصاد بدلًا عن العمالة البشرية، والتي أثبتت بدورها نتائج مذهلة في تحسين كفاءة الحصاد وجعلها أكثر دقة.
وأكدت مذكرة نشرت في العام 2007 عن البنك الدولي، أن الصمغ العربي ينتج بواسطة منتجين صغار يتواجدون في مناطق الزراعة المطرية التقليدية. وصنفت الدراسة هذه الفئة على أنها من الفئات الفقيرة في المجتمع رغم إنتاجها أحد أهم السلع في العالم، ويعود ذلك إلى سياسات التسويق التي تتبعها الحكومات المتعاقبة، الأمر الذي أدى إلى انخفاض نسبة الصادرات إلى (2.2)% بشكل سنوي خلال الـ(40) عامًا الأخيرة، بحسبما جاء في المذكرة.
شركة الصمغ العربي
قبل أن يتم إنشاء شركة الصمغ العربي في العام 1962، كانت سياسة الدولة في تسويق الصمغ العربي تعتمد على عقد المزادات بتنظيم من وزارة التجارة، وذلك بتحديد سعر أدنى لشراء الصمغ من المنتجين وسعر أدنى للصادر، وبعدها أصبحت التجارة في الصمغ العربي تنظمها لجنة مكونة من بنك السودان والمصدرين ووزارة التجارة بحسب دراسة قدمتها اللجنة الفنية لفريق من الخبراء الوطنيين كانت تحمل اسم الإستراتيجية الوطنية للصمغ العربي والأصماغ الطبيعية الأخرى من العام 2020-2030.
شخص يمسك قطعة صمغ عربي
أنشئت شركة الصمغ العربي السودانية لحماية حقوق المنتجين (Getty)
بعد هذه الإجراءات أنشئت الشركة لتضمن حماية حقوق المنتجين فيما منحت التحكم في الصادر، وفي الفترة من العام 1962 إلى العام 1993 اعتمدت الشركة في آلية عملها على وكلاء في مواقع الإنتاج تقوم بتمويلهم من أجل شراء الصمغ وتجهيزه ومن ثم تسليمه إلى المراكز المخول لها ذلك.
وبعد ذلك ألغت الشركة نظام الوكلاء لتشتري من العمال الصمغ العربي مباشرة بعد تجهيزه من خلال فروعها، ومن ثم تم إلغاء امتياز شركة الصمغ العربي المتمثل في تحكمها في الصادر، مما أدى إلى ظهور مجلس الصمغ العربي من أجل سد الفجوة التنظيمية التي برزت حينها، بينما شهدت الفترة من العام 2010 وحتى العام 2019 عددًا من الممارسات السالبة من بينها الاحتكار والمضاربة في السوق إضافة إلى ظهور عدد من الشركات الأجنبية في الأسواق المحلية والتي كانت تحمل مسميات وطنية بحسب الدراسة مما أدى إلى صعوبة في ضبط الصادر من الصمغ العربي بالبلاد.
الجدير بالذكر أن الصمغ العربي هو أحد أهم السلع الإستراتيجية التي يمتلكها السودان، ومع تراجع انتاجه ظهرت بعض الدول التي نشطت في تصديره للعالم مثل تشاد ونيجيريا
والجدير بالذكر أن الصمغ العربي هو أحد أهم السلع الإستراتيجية التي يمتلكها السودان، ومع تراجع انتاجه ظهرت بعض الدول التي نشطت في تصديره للعالم مثل تشاد ونيجيريا، الأمر الذي يجب أن يعزز الخطط الإستراتيجة في السودان للنهوض بهذا القطاع والاستفادة منه بصورة فعالة كونه يمكن أن يكون أحد أهم العموامل التي من شأنها أن تعيد الحياة إلى جسد الاقتصاد السوداني.