ابراهيم عثمان يكتب : *الشفافية في زمن القحط ( ٥- ٦ )*
ابراهيم عثمان يكتب :
*الشفافية في زمن القحط ( ٥- ٦ )*
٥/ التفاوض
جعفر حسن : ( أقولها بصراحة شديدة وذكرناها من أول يوم لم تنته حرب في السودان بانتصار أحد الطرفين، هذا تاريخ السودان منذ الأنانيا حتى تاريخ اليوم، دائماً تخلص الحروب على طاولات التفاوض، هذا هو السيناريو المستمر والذي جُرِّب في السودان بقوة أقل من الدعم السريع نفسه )
أكثر موقف تتمظهر فيه عدم شفافية قحت وعدم صدقها هو موقفها من التفاوض :
▪️ كان بالإمكان الحكم باقتراب مرافعة جعفر حسن من التعبير بصدق عن موقفهم لو أن ( تاريخ ) الأحزاب المكونة لقحت كان يحمل ذات الرفض للحروب، وذات التشديد على التفاوض لإيقافها بعد اندلاعها، لكن التاريخ يثبت العكس .
▪️كان بالإمكان تصديق مبدئية حرص هذه الأحزاب على التفاوض، والشفافية في إعلان أسبابه لو أن ( حاضر ) هذه الأحزاب أثبت نجاحها في امتحان الحرص على التفاوض والاتفاق وتنفيذه، أي نجاحها في دعم ما أُنجِز من تفاوض واتفاق تمثل في “إعلان جدة”، فهي لا تدعم تنفيذه، بل وتساعد المتمردين على التنصل منه، وتتبرع لهم بوضع الإشتراطات التعجيزية لتنفيذه، بدلاً من بذل الجهد لإقناعه بتنفيذه، إن لم يكن من أجل المواطنين المستفيدين منه، فلأجل تسهيل التفاوض الذي يهمها، ويصل الأمر عند جعفر حسن لإنكار وحود إعلان جدة من الأصل ! بل ويتحدى من يظهر اتفاقاً غير الذي زعم بأنه كان مرحلة ثانية بعد أولى يزعم أن الجيش عطلها !
▪️كان بالإمكان إعذار جعفر حسن بالجهل التام وعدم المتابعة الذي يجعله ينفي وجود تفاوض واتفاق ناجز يستحق دعمه، لا اتهامه بخيانة فكرة دعم التفاوض، والتضليل للتغطية على هذه الخيانة، لولا أن صفحة “التجمع الاتحادي” بالفيسبوك كانت قد نشرت بتاريخ 31 يوليو 2023 تصريحاً لقائده بابكر فيصل يقول فيه ( النقطة المتعلقة بإخلاء البيوت والمرافق العامة لا خلاف عليها بين الطرفين ) .
▪️ كان بالإمكان تصديق أنه بقوله هذا يصدر عن مبدأ لا عن مصلحة خاصة لولا وجود الأدلة التي تثبت أن الميليشيا المحاربة تملك هذه المرة حاضنة سياسية وثيقة الصلة بها، وتقول صراحةً إنها تحارب لأجل المشروع السياسي لهذه الحاضنة، وفيما يخص الجانب السياسي من التفاوض، تقول إنها ستتفاوض من أجل فرضه، وفيما يخص الجانب العسكري ستتفاوض للبقاء لحراسته !
▪️ كان بالإمكان تصديق أن سبباً غير هذا الذي صرح به المتمردون هو الذي يتحكم في مواقف قحت ويحدد نوعها لولا توفر الأدلة على أنها تهندس مواقفها بالشكل الذي يمثل رد تحية للمتمردين وينال رضاهم، ويدعم التفاوض الذي يحقق لهم كل أهدافهم،في ظل وجود اعتماد متبادل ذي طابع انتهازي بينها والمتمردين، يقوم على فكرة بسيطة : أحزاب لديها مطامع أكبر من حجمها،وفي حاجة إلى بندقية تفرض الزائد من هذه المطامع، وميليشيا ذات مطامع لا تتوافق مع قانونها، ولا مع وضعها بعد الدمج، وفي حاجة إلى مشروع سياسي، يجد الدعم الخارجي، تخبيء خلفه هذا المطامع !
▪️كان بالإمكان تصديق أن قحت لا تهدف – بدعمها للمتمردين – الهروب من ( الانتخابات ) ومن ( التوافق الوطني )،لولا أن خالد عمر أعلنها داوية بأن ( الانتخابات ما بتجيبنا )، ولولا أن ياسر عرمان أيضاً أعلنها داوية بأنهم ( أقلية ) وأن ( الأغلبية ) ضدهم وأن ( التوافق الوطني) لا يحقق مرادهم ! ففي مقال له بتاريخ ٥/ يوليو/ ٢٠٢٣ أبدى فيه اعتراضه على خطاب البرهان الداعي لحوار بين المدنيين لا يشارك فيه العسكريون قال : ( هو طرح ظل يطرح باسم “التوافق الوطني” على مدى الشهور الماضية ، والمعني هنا بالمدنيين” “فئة عريضة” اغلبها من مؤيدي الإنقلاب، و”الأقلية ” من مؤيدي الثورة والشارع الذي قدم التضحيات والشهداء ، وسيكون أهل الثورة كالايتام في “موائد روتانا” وسيختار “الغالبية” من المؤيدين للإنقلاب، رئيس الوزراء الثعلب الذي سيرتدي جلد الثورة والمدنيين ) !
▪️كان بالإمكان إعمال حسن الظن وتصديق أن جعفر حسن يستند على حكمة التجارب والتاريخ، لولا أن خالد عمر يوسف كان قد أعلن بصراحة في تغريدة بتاريخ ٣٠/ ٤/ ٢٠٢٣ بأن الانتصار سيفرض
( ميزان قوى عسكري جديد) و( سيضعف الدور المدني تلقائياً ويتحول دوره لدور هامشي )، وكلنا يعلم ما يعنيه خالد عمر ( بالدور المدني ) فهذه الكلمة محتكرة لهم، وأقصى تنازل يقدمونه هو استصحاب القوى الأخرى كتابع “للقوى المدنية” صاحبة الملكية الحصرية للاسم ، وكلنا يعلم أن قحت ترى مستقبلها في مستقبل الدعم السريع، وفي استمرار ( ميزان القوى العسكري ) الذي يشكل الدعم السريع أحد كفتيه، وفيما يمنحه له هذا الوضع من قدرة على التفاوض وفرض شروطه، أو الجزء الأكبر منها، ومن بينها اعتماد قحت كوكيل عنه أو شريك له، في احتكار العملية السياسية !
إبراهيم عثمان