منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

د. ليلى الضو أبو شمال تكتب : صمتا لينطق المدفع

0

د. ليلى الضو أبو شمال تكتب :

صمتا لينطق المدفع


صحيح أن الحرب لا تدار بقوة السلاح الناري فحسب، وانما جزء منها يدار عبر الإعلام أداة الحرب النفسية والدعاية القتالية ولكن هذه الأداة تكون ادارتها في يد من يديرون المعركة القتالية وليسوا النشطاء والسياسيين وأصحاب الأقلام الموجهة
كثيرا ما استوقفتني هذه الحرب التي أوشكت على اكمال العامين ونسمع كثيرا من الضجيج الإعلامي الذي يتخبط بين الحقائق والوقائع حيث كثر فيها المحللون والنقاد والمنظراتية، وأصبح الكل مشارك فيها إن لم يكن بسلاحه فبقلمه، ولكن كثيرا ما تكون تلك المشاركات خصما على إدارتها في الميدان ربما لغياب المؤسسة الإعلامية المساندة فعليا للمؤسسة العسكرية وتجاهل الكثير منهم لأهمية الإعلام المساند لخططهم ، ولا زلنا نعيب على تلك المؤسسة عدم إيلاء الإعلام مكانته الفعلية في زمن أصبح كل شيء يدار من خلال شاشة في يد الجمهور حيث أصبح هو المرسل والمرسل إليه.
أراقب عن كثب كثير من المجموعات بوسائل التواصل الإجتماعي ، وأرى حجم التشتت وعدم الإتفاق على كل محتوى ، وكل صورة وكل صوت،، وكم هائل من نسخ ولصق، وبتر وفبركة، وقديم معاد، وجديد لم يكتمل .
الواضح أن سائل الإعلام الآن أصبحت كسوق ( ام دفسو) (تعال جاي العايزو بتلقاو) (وقرب تعال الخبر بريال ) مثلا أحسست بالاحباط واليأس تجد رسالة تفيدك بأن الأمور تسير على ما يرام وغدا تسمع انتصارات في منطقة اكس ، ولاحظ المعلومة لم تأت من قائد عسكري بل قائد هاتف ، والذي يريد أن يطمئن على ضعف العدو وانهزامه تجد من يبخس له قوته وخلافات بين قياداته، وتقليل حجم أهدافه ، ونصدق ذلك رغم واقع أحيانا غير ذلك فقط لأننا نريد ذلك حتى تطمئن قلوبنا وحتى نبيع الأمل ونشتريه بكلمات غير أمينة يمكن أن يترتب عليها ضررا لدى المتلقي وقرارات غير صائبة ، والبائع هنا ليس على ظهر دبابته وانما على ظهر سريره يبعث فيك الأمل من دروس التنمية البشرية التي يتصفحها عبر المتصفح( قوقل)
ليس هكذا تورد الإبل لقد مل هذا الشعب المكلوم من تلك الأخبار المصنوعة ومن غياب الوكالة الموكل إليها نشر الحقائق ،، فلماذا لا يصمت الناشطون عن بث أخبار المعارك ويلجأون إلى مساندتهم بالالتفاف حول البسيط الذي يدلي به من يديرون المعركة ونساندهم بالدعوات الصادقات حتى تكتمل المعارك بالنصر والفتح المبين.
أعتب على من يديرون المعارك عسكريا وسياسيا تغييبهم لإدارة إعلامية حكيمة تلبي حاجات شعب والمعلوم أن الجمهور يبحث عن المعلومة ( المحتوى) في ظروف كتلك التي يعيشها وحينما يحدث غياب (فراغ) من الجهة المنوط بها تنويره وتمليكه لها ، لابد من أن يبحث آخرون لتلبية حاجات ذاك الجمهور، وهنا يأتي دور صناع المحتوى الذين يعملون على مل الفراغ ويتبارون في سد الحاجات فنجد من يبحث عن الأمل يجد حاجته عندهم ، و من يريد أن يسمع ما يوافق دواخله أيضا يجد حاجته ، وهكذا تضيع الحقائق بين جمهور ضائع وصانع محترف.
أخشى ما أخشى أن تؤثر تلك الرسائل الإعلامية وإن كانت ايجابية في كثير من الأحيان على مسارات الأحداث وواقعيتها ، فكم من فرحة كانت أكبر من حجمها وكم من تعجل أحدثه الإعلام الشعبي في نقل الحدث تسبب في إحداث ردود أفعال قاسية

ما أضرنا شيئ كالتصنيفات على المستوى السياسي والآن وفي غياب إدارة سياسية فاعلة، نخسر أنفسنا عبر التصنيفات الإعلامية والتي تنبني على رأي مكتوب على صفحة بمجموعة افتراضية نجد المغادرة والإزالة *مشهد فيها لا يغيب.*

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.