تقرير اسماعيل جبريل تيسو : *محكمة العدل الدولية تحمي مصالح دول عظمى، وتحظى “بدعمهم” للإفلات من المساءلة.*
تقرير اسماعيل جبريل تيسو :
*محكمة العدل الدولية تحمي مصالح دول عظمى، وتحظى “بدعمهم” للإفلات من المساءلة.*
نجحت في تحييد محكمة العدل لرفض وشطب دعوى السودان،،
الإمارات،، السيطرة على المؤسسات الدولية..
إحباط وسط السودانيين، وتساؤلات منطقية عن أسباب الفشل..
السفير نادر: يد الإمارات ملوثة بالرشاوى السياسية وشراء الذمم..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
ضربت حالة من الإحباط وخيبة الأمل جموع الشعب السوداني في الداخل والخارج فور قرار محكمة العدل الدولية الرافض لفحوى الدعوى التي تقدمت بها الحكومة السودانية، ضد الإمارات بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948م، وذلك بعدم اختصاصها للنظر في الدعوى التي رفعتها جمهورية السودان ضد دولة الإمارات العربية المتحدة بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، وذلك بسبب تحفظ الإمارات على المادة التاسعة من الاتفاقية، التي تمنح المحكمة ولاية النظر في النزاعات بين الدول الأطراف، وأعلنت المحكمة، في قرارها، أنها ترفض إصدار أي تدابير مؤقتة كما طلبت الحكومة السودانية، وأمرت بشطب القضية من اللائحة العامة للمحكمة (General List)، ما يعني إنهاء النظر فيها بشكل كامل.
استفهام وتعجُب:
ورغم أن محكمة العدل الدولية، لم يبرأ الإمارات من تهمة الإبادة الجماعية ودعم وإسناد ميليشيا الدعم بالأسلحة والمعدات الحربية لقتل السودانيين، إلا أن قرار المحكمة رسم أكثر من علامة استفهام وتعجب على وجوه السودانيين الذين كانوا يتفاءلون خيراً، ويتعشمون أن يجدوه بين ثنايا قضيتهم العادلة ارتكازاً على الحيثيات القانونية التي قدمها فريق الخبراء الذي مثَّل الحكومة السودانية داخل بلاط محكمة العدل الدولية، والذي بدا واثقاً قبل الجلسات وأثناء تداول الحيثيات وبعد انتهاء المداولات لثقته في الأدلة والأسانيد التي تدمغ تورط النظام الإماراتي في دعم ميليشيا الدعم المتمردة الإرهابية، الأمر الذي يشكل خرقاً لالتزامات حكومة أبوظبي بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، وتجلَّت صدمة الشارع السوداني من قرار محكمة العدل الدولية في شكل الأسئلة التي طفق يطرحها عن أسباب هذا الفشل الذي أنهى وبضربة سريعة وقاضية، المسار القانوني الذي سلكته الحكومة السودانية في قضيتها ضد الإمارات، حيث رأى الكثيرون ممن استطلعتهم “الكرامة”، صعوبة مقارعة الإمارات في مضمار العدالة الدولية لتمتع النظام الإماراتي بنفوذ قوي، استطاع من خلالها أن يتغلغل بين مسام المؤسسات الإقليمية والدولية، مستفيداً من الدعم والإسناد الذي تقدمه له حليفته إسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي يجعل الإمارات تتهرب من أي مساءلة، وتفلت من أي عقاب.
نفوذ وتدخل خارجي:
ومنذ العام 1993م، بدأ سطوع نجم محمد بن زايد آل نهيان في الفضاء السياسي والأمني لدولة الإمارات حيث تولَّى قيادة القوات المسلحة الإماراتية، ثم أصبح وزيراً للدفاع، حيث منحته الوزارة السيادية بسطةً في النفوذ والسلطة صار بموجبها أقوى وأبرز رجل في منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية حتى عُيِّن ولياً للعهد تمهيداً ليكون رئيساً لدولة الإمارات العربية المتحدة في العام 2022م، وتبلورت خلال حكمه مفاهيم السياسة الخارجية للدولة، حيث حرصت الإمارات على التحرك بحيوية في دروب ومسارات الدول والقوى العظمى العالمية، مستظلة بأجنداتهم الكبرى، ومراعية في الوقت نفسه لمصالحها حتى أصبحت لاعباً محورياً في ميدان النزاعات العربية، متجاوزة أدوارها الاقتصادية والتجارية والاستثمارية لتتجه إلى سياسات التدخل المباشر أو غير المباشر في شؤون العديد من الدول العربية والأفريقية كما فعلت في اليمن، الجزائر، ليبيا، وتفعل حالياً في السودان، لقد درجت الإمارات على التدخل في شؤون الدول تحت غطاء دولي توفره لها حليفتها إسرائيل، المسنودة بهيبة وبعظمة الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بفرية حماية المصالح الأمنية والاقتصادية والسياسية، وإن كانت الدوافع الحقيقية تكمن في تعزيز النفوذ ومحاولة إعادة تشكيل المنطقة وفقاً لرؤية دولية تستهدف الفوز بموارد وخيرات وثروات المنطقة، وفي مقابل ذلك تحظى الإمارات بحماية دولية تبرر أفعالها، وتُفلتها من أيادي الإدانة والعقوبات.
رشاوي سياسية:
ويؤكد السفير نادر فتح العليم الخبير في فض المنازعات، أن يد الإمارات ملوثة بالرشاوى السياسية وشراء الذمم، وضرب في هذا الصدد مثلاً بفضائح الإمارات مع العديد من دول الجوار الإقليمي على شاكلة ما حدث مع الرئيس الكيني وليام روتو، والرئيس اليوغندي يوري موسفيني، ونوه السفير فتح العليم في إفادته للكرامة إلى الحالة التشادية وما حدث مع الرئيس محمد كاكا ديبي الذي كان قد أعلن في بواكير الحرب حياده، ومنع دخول ميليشيا الجنجويد إلى تشاد، ولكن موقفه سرعان ما تغيَّر عقب رحلته التأريخية إلى الإمارات وتسلمه مبلغ مليار ونصف المليار دولار، ليعود ويفتح حدود دولته أمام ميليشيا الدعم السريع، بل فتح أراضي تشاد لتكون مطارات ومهابطاً لاستقبال طائرات التشوين من الإسناد اللوجستي والعتاد الحربي، وجعل من تشاد مستشفيات لعلاج الجرحى والمصابين من الجنجويد والمرتزقة، وأكد السفير نادر فتح العليم أن تهمة الإبادة الجماعية تعتبر أبشع تهمة في التأريخ السياسي الحديث، وستظل معلقة في رقبة الإمارات حتى وإن رفضت مئات المحاكم التداول بشأنها.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر تبقى الدعوى التي قدمها السودان ضد الإمارات في محكمة العدل الدولية، بمثابة ” قيدومة” لدعاوى أخرى تستعد دول طالتها جرائم الإمارات مثل اليمن، وليبيا، وفلسطين، والجزائر وغيرها، لتدخل من ذات الباب القانوني ولو في محاكم أخرى تشكو فيها الإمارات وتفضح مؤامراتها، وسيظل اسم السودان مُخلَّداً في ذاكرة محكمة العدل الدولية باعتباره أول دولة تجرُّ الإمارات بكل نفوذها وجبروتها إلى قفص الاتهام، وإن رفضت المحكمة الدعوى وشطبتها، فذلك لن يضير السودان شيئاً سيمضي بقضيته العادلة إلى غاياتها، بطرق مختلف أبواب العدالة الدولية، و” البضيع في القيزان ما بضيع في الميزان”.