بروف ابشر حسين محمد يكتب : *الأضحية ومرض جنون البقر*
بروف ابشر حسين محمد يكتب :
*الأضحية ومرض جنون البقر*
الأضحية سُنة مؤكدة للمستطيع، وقد ضحى عن غير المستطيع رسول الله ﷺ، كما ورد في الأحاديث الصحيحة.
الأضحية تكون من الضأن، الماعز، الإبل، والبقر، ولكل نوع منها شروط تتعلق بالعمر والصحة.
ومن الشروط التي لفتت نظري – تحديدًا في الأضحية بالبقر – ما ورد في كتاب أقرب المسالك لمذهب الإمام مالك للشيخ أحمد الدردير، ويمكن تلخيصه كالتالي:
✅ شروط البقرة المجزئة في الأضحية عند المالكية:
1️⃣ العمر:
لا تجزئ البقرة إلا إذا أتمّت سنتين ودخلت في الثالثة.
تُسمى حينها: “ثنية”.
2️⃣ السلامة من العيوب:
لا تجزئ البقرة إذا كانت بها عيوب مذكورة في الحديث النبوي الشريف، مثل:
العوراء البيّن عورها.
العرجاء البيّن عرجها.
المريضة البيّن مرضها.
العجفاء التي لا تُنقي (أي الهزيلة جدًا التي لا مخّ في عظامها).
المجنونة (وهي محل الحديث هنا)
البقرة المجنونة في الفقه المالكي – وصفها:
في مذهب الإمام مالك، يُشترط في الأضحية أن تكون سالمة من العيوب المانعة، ومن هذه العيوب: الجنون، ويُقصد به:
الجنون الدائم، وليس العارض المؤقت.
البقرة المجنونة هي التي يظهر عليها اختلال في العقل أو السلوك بشكل واضح، ومن أوصافها:
لا تعي ما تفعل، ولا تستجيب للنداء أو التوجيه.
تتحرك بحركات مضطربة وغير طبيعية؛ تضرب بجسدها أو رأسها في الجدران أو الأشجار.
تُهاجم الناس أو الحيوانات الأخرى دون سبب، أو تُفرط في الخوف والهلع بشكل غير مبرر.
تهيم على وجهها، لا تستقر في مكان، ولا تُضبط بسهولة.
لا تأكل أو تشرب بشكل طبيعي (فى بعض الاحيان تاكل اشياء غير غير طبيعية وتسمى فى هذه الحالة بالجلالة )، وتُخرج إفرازات كثيرة من الفم.
يظهر عليها الهزال والضعف، وتفقد قدرتها على التفاعل الطبيعي.
الحكم الشرعي:
إذا كان الجنون دائمًا أو غالبًا، فلا تجزئ هذه البقرة في الأضحية.
أما إذا كان الجنون عارضًا، كأن تُصاب بنوبة جنون عابرة ثم تعود لطبيعتها، فلا يمنع ذلك من الإجزاء.
تأمل لطيف:
يا سبحان الله! هذا الوصف الدقيق يتطابق إلى حد بعيد مع الوصف الطبي لمرض جنون البقر (Bovine Spongiform Encephalopathy) المعروف في الطب البيطري، والذي يمكن أن ينتقل إلى الإنسان في بعض الحالات (مرض كروتزفيلد جاكوب).
وهذا يفتح بابًا للتفكر في حكمة الشريعة التي تمنع الأضحية بالحيوان المجنون، خاصةً أن الأضحية تُوزع:
ثلثٌ للفقراء،
ثلثٌ هدية للأقارب والأصدقاء،
ثلثٌ لأهل البيت،
مع جواز التصرف فيها كما شاء، كما ورد عن النبي ﷺ، بما في ذلك ادخارها.
إذًا، لو كانت البقرة مصابة بمرض كـ”جنون البقر”، فإن الذبح والتوزيع قد يؤدي إلى نشر المرض بشكل أوسع بين الناس، وهنا تتجلى حكمة الشرع الشريف في منع ذبح مثل هذه الحيوانات حمايةً للناس وأرواحهم.
بروف ابشر حسين