السفير عبد الله الأزرق يكتب: *انتصارات الجيش والخطر القادم*
السفير عبد الله الأزرق يكتب:
*انتصارات الجيش والخطر القادم*
حين رأيت ولولة العملاء في قحت / تقدم، وحزنهم على ما أصاب مجرمي أولاد دقلو في الإذاعة أيقنت أن جيش السودان وأمنه ورجال الجهاد في المقاومة الشعبية قد سلكوا صراطاً مستقيماً؛ وأن أولئك إنما يَمَّمُوا صعيداً زلقا.
لقد بلغ الأمر بهم أنهم كادوا أن يتحدثوا مع حميدتي مواسين ومتملقين بطريقة “وَلْض أمي….. دنيا زايلي ونعيمكي زايل….. الكِيسان الفلول غدروا بينا…. خابرنك بترجع الإذاعة منهم قنقر كي”.
ورغم ما عاناه كل السودانيين من ويلات حرب أولاد دقلو وظهيرتهم قحت؛ إلّا أن لتلك الكارثة فوائد.
وسبحان الذي يضع المِنَحْ في جوف المِحَنْ.
فلأنّه لا يصلح الناس فوضى لا سَرَاة لهم، ولا سَرَاة إذا جُهّالهم سادوا؛ نَجَمَ عن تلك الحرب أنها مَازَتْ الخبيث من الطيب.. واستبان ذلك تماماً للسودانيين.
ومصداق هذا أن الجماهير نَبَذت كل الذين خدعوها.. نبذتهم نَبْذَ الحصاة، وعافتهم، حتى أنها أصبحت لا تُطِيقُ رؤيتهم.
طارد السودانيون ود الفكي في باب اللوق، ومنّاع في المريوطية، والواثق البرير في مدينة الرحاب، ووجدي صالح في الإسكندرية وفي مجمع العباسية.. وقبلها طاردوا خالد سلك في أديس أبابا. وسبتهم الجماهير أجمعين .
وحين كانوا في السودان ،عرمان وخالد سلك مرقنهم رجليهم قرب محطة باشدار، وقبلها في نيالا، وهكذا.
ولأن حمدوك خَشِيَ من مآلات رفاقه، لم يستطع أن يلتقي بعشرة سودانيين وهو بالقاهرة التي تَعِجُّ بملايين السودانيين.. وسبق أن تعرَّض هو نفسه للسب من السودانيين في الكلاكلة، وهو آنئذ رئيس وزراء، ولم يصنع له المنصب هيبة أو كاريزما تجعل له لدى الناس وقاراً.
من ناحية أخرى، لَقِيت الجماهير شخصاً عادياً يُسَمَّى هيثم الخلا بالهتافات والترحيب وزغاريد النساء أينما حل؛ لأن ذلك الإنسان كان رجلاً؛ يَذُبُّ عن أعراضهم ببندقيته القناصة، ويحمي أرواحهم ويذود عن حياضهم، حاملاً روحه في كفه، فداءً لشعبه وأمته.
أبانت لنا الحرب من هم الرجال، ومن هم العملاء الذين يبيعون أعراض نسائهم لمرتزقة أولاد دقلو، ويبيعون أوطان أهلهم لود زايد والخواجات.
ومما يندى له الجبين حقاً ورود معلومات أن حمدوك و15 من الموظفين الذين كانوا بمكتبه ما زالوا يتلقَّون نفس الرواتب التي كانوا يتقاضونها وهم في سدة الحكم الذي سرقوه من الجماهير.. يسددها لهم ما يُسمّى:
“صندوق الائتمان الطارئ للاستقرار ومخاطبة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية والنازحين في أفريقيا” التابع للاتحاد الأوروبي؛ لاستدامة عمالتهم؛ فالغربيون لديهم ما يُسمى:
“حماية العميل” Protection of the Agent.
وتلاحظون التسمية المُضللة التي خلعوها على صندوق التجسس هذا.
الشعب الذي يطارد هؤلاء لم ينسَ فساد لجنة التمكين التي أثرى أعضاؤها فاشتروا الشقق في القاهرة، وزينها لهم مهندسو الديكور، وكانوا قبلها عطالى يتكففون الناس.
ولن ينسَ الناس مجزرة فض الاعتصام التي حاولت لجنة أديب محوها دون جدوى.
والأهم أن الجماهير لمست بكل جوارحها وحواسها افتقارهم لخطة ورؤية وتصور.
وليتهم أبقوا على ما وجدوا، ولم يدمروا كل جامعاتنا ومشافينا وكهربائنا ومرافق مائنا.
بل ليتهم حافظوا على أمنٍ كنا نفخر به.
لقينا مَطَلَاً ووعود البرق الخُلّب، وعجزاً.
وليتهم اتعظوا بحكمة كالتي تقول:
ما دامَ وعدُ الأماني غيرُ مُنْتَجِزِ
فطولُ مَكْثِكَ منسوبٌ إلى العجزِ
على أن المثير للعجب أن بعضهم ما زال يهرف بتُرَّهاته القديمة عن فساد الكيزان وادِّعائهم أنهم دمروا السودان؛ وهذا مبلغهم من السياسة. ترى أي ذكاء هذا الذي يجعلهم يسومون بضاعة مُزجاة شاع بوارها !!!
لم يشهد السودان كَذَبة كهؤلاء الذين راكمتهم (الثورة المجيدة).
ويصرون على أن يمشوا بأحذيتهم القذرة فوق عقولنا.
دُلُّونا على مفكرٍ واحد، أو سياسي بارع عميق بينهم لأحترمه؛
دُلُّوني على ذي رؤية لأقدّره؛
أروني واحداً من بينهم له تصور يستشرف مستقبل السودان لأوقّره.
وهيهات.. هيهات أن نجني من الشوك العنب.
تُرى من منهم يستطيع أن يعود للسودان، وها هم السودانيون يضيِّقون عليهم المنافي بما رَحُبت.
فماذا لو عادوا!!! ويا لِثَارات أهل المغتصبات والمنهوبين وذوي القتلى إن عادوا .
إن عادوا للسودان ، والله “إلّا نار بس” زي ما قال أخونا الدارفوري.
الشاهد أن من فوائد هذه الحرب أنها أتاحت للسودان أن ينفي عنه خبثه.
ومن إيجابياتها أن قواعد حزب الأمة انتبهت لعبث مريم وأخواتها ونسيبهم وبرمة الخَرِف بالحزب؛ فضغطت عليهم مما اضطرهم “لفرتقة” خيمتهم مع قحت/ تقدم، وما أسهل فرتقة الخيمة لديهم، فقد تدربوا عليها في فض الاعتصام.
ولكن خسائر الحزب جراء التماهي مع القحاتة ومليشيا أولاد دقلو أَجَل من أن تحصى.
على أن جانباً آخر يقُضّ مضجعي هذه الأيام. ألا وهو المليارات التي تنفقها القيادة العسكرية على حركات دارفور. وهي حركات عنصرية جنودها قبليون وانتماءاتها قبلية وولاؤهم لقبيلتها. ثم رعاية القيادة العسكرية لمعسكرات تزيد بها عديدها، وتزوِّدها بالعتاد.
تفعل القيادة العسكرية هذا، وتُهمل المستنفرين والمقاومة الشعبية، التي لا تعرف إلّا الولاء للسودان.. وما فيها من يقول: قبيلتي.
أليس هذا نفس ما فعلته هذه القيادة مع قوات أولاد دقلو القبلية، حين أعطتهم معسكرات هيئة العمليات، وسمحت لهم بالتسلّح، وكاثروا عديدهم بعشرات الألوف.
مثل هذا الفعل يثير الشكوك أن القيادة العسكرية تحسب حسابات مصالحها الخاصة، وتُرضي الخارج أولاً بوصفته هذي. لذا تُمكّن لحركات دارفور. فالأمر إذن ليس حسابات الوطن!!! وهذا لا نرضاه لقيادة جيشنا في هذا الأوان خاصة .
كانت تجربة أولاد دقلو مريرة؛ وخطأ قاتلاً.
ومن منا لا يخطئ؟
لكن الأهم ألا نكرر أخطاءنا.
أُثِرَ عن إنشتاين قوله:
“الجنون هو: أن تفعل نفس الشيء مراراً، ثم أن تتوقع الوصول لنتائج مختلفة”
”Insanity: doing the same thing over and over again and expecting different results”.
الله يكضب الشينة.
عبد الله الأزرق
———————————-
13 مارس 2024