دكتور أسامة ميرغني راشد يكتب: مالات حرب السودان والابادات الجماعية لمجموعات سكانية بافريقيا
دكتور أسامة ميرغني راشد يكتب:
مالات حرب السودان والابادات الجماعية لمجموعات سكانية بافريقيا
هل هي حرب ضد السودان وشعبه فقط أم أنها أيضا حرب لإبادة مجموعات سكانية في بعض الدول الأفريقية على أرض السودان ؟
انتابني هذا التساؤل وأنا أرى التقدم الواضح والكبير للقوات المسلحة السودانية في كافة محاور القتال وأرى حالات الهلاك الجماعي لمجموعات الجنجويد ومقاتلي الدعم السريع من السودانيين ومن المرتزقة الذين يقاتلون بجانبهم بالألآف من جنسيات مختلفة منها من يقاتل بحمية القبيلة مثل قبائل العطاوة وأمتداداتها خارج السودان في البلدان المجاورة فيما أصطلح عليه بعربان الشتات أو عربان الساحل الإفريقي فيبدو واضحا من حالة الهلاك وسط هذه المجموعات أنهم مدفوعين للقتال دفعا تحت ذرائع القبيلة وبحوافز النهب والسلب وغنائم الحرب وبرغم هلاكهم الكبير إلا أنهم غير قادرين من الفرار من ميدان المعركة لسببين السبب الأول الطبيعة الاجتماعية التي تعتبر الفرار من المعركة سبة تواجه الرجل طول حياته ويصبح منبوذا في مجتمعه وتهجوه الحكامات بقصائد شعر مهينة له والسبب الثاني هو أن قيادات التمرد في الدعم السريع يمنعون هولاء الشباب من الهروب من المعركة او الاستسلام للجيش فمن يحاول الفرار يتم قتله مباشرة أو وضعه في السجون ويتضح ذلك من الحملات التي تقودها ما يسمى بالشرطة العسكرية للدعم السريع في محاولاتها لملاحقتهم ودفعهم لميادين المعارك وأيضا تخويفهم المستمر لهم بأن من يستسلم للجيش سيقوم الجيش بقتله مباشرة لتخويفهم من الاستسلام وتذكيرهم بأنهم متورطون في جرائم نهب وسلب واغتصاب لن يتم العفو عنهم وبالتالي يصبح هولاء الشباب في أتون المعركة مجبرين على خوضها وهم لا يعرفون لها هدف وهم نفسهم ليست لديهم أهداف يقاتلون من أجلها غير القبيلة التي حشدتهم في هذه المعركة الخاسرة لهم .
المجموعة الثانية من المقاتلين هولاء مرتزقة ومقاتلين محترفين من عدة دول من الجوار الافريقي والعربي القريب والبعيد فقد وثقت فيديوهات وصور لمشاركة أجانب في مجالات محددة في الحرب وهي تقريبا تشغيل المدفعية الثقيلة والموجهة وتشغيل المسيرات والقناصة والمشتغلين في مجال مكانيكا السيارات وهولاء المكانيكية عملوا في اتجاهين مساعدة عناصر المليشيا في عمليات سرقة عربات المواطنين والمؤسسات حكومية وخاصة ودبلوماسية وصيانة عربات الجنجويد القتالية والخاصة المنهوبة وهولاء مرتزقة يعملون بمقابل وهم مجموعات قتلة مأجورين لا مصلحة البتة في أي حوار معهم بل قتالهم حتى النهاية .
في مقالي هذا سأقف على المجموعة الأولى التي تمثل القبائل السودانية الأصيلة وامتداداتها في دول الجوار والذين تمت تسميتهم بعربان الشتات وهم يمثلون مجموعات قبائل الرزيقات والمسيرية والبقارة والمحاميد وتمثل قبيلة العطاوة كمكون جامع لهم جميعا .
هذه المجموعة تحترق بحرب لا ناقة ولا جمل ولا بعير لهم فيها حشدتهم قبائلهم وزعماء هولاء القبائل دفعوا بأبناءهم تحت إغراءات عائلة محمد حمدان دقلو وأخوانه بأطماعهم في السلطة التي زينها لهم عملاء الداخل الراغبين في تولي السلطة معهم وطامعي الخارج في ثروات البلاد ومخزونها من الموارد الطبيعية دفعوا أبناءهم في معركة خاسرة نتائجها الآن تقول بهلاك الألآف من هولاء الشباب وموتهم بلا مقابل وبلا نتيجة حتى الآن غير موت الرجال وخراب الديار وفقدان الوجود الفعلي على أرض الأباء والأجداد بل ربما ستكون عواقب الحرب الاجتماعية أكثر خطورة فكم الجرائم المرتكبة بحق الناس في طول البلاد وعرضها سيضع هذه المجموعات السكانية في تحدي خطير وهو إمكانية التعايش مع الضحايا في مكان واحد وهو ما قد ينتج عنه مشاكل أخرى ترتبط بالانتقام والانتقام المضاد والذي يمكن أن يخلف بيئة غير قابلة للحياة على الأقل في المنظور القريب .
ويبدو لي جليا أن الذين دفعوا هولاء لهذه الحرب الخاسرة يعلمون أنهم في حالة انتصار الدعم السريع فهم مستفيدون لأنهم الممولون ماديا وعسكريا وسياسيا وبالتالي هم ضامنين السيطرة عليهم وبالتالي على البلاد وأما في حالة خسرانهم للمعركة العسكرية فأيضا هم مستفيدون من اتجاهين الأول هو تدمير القوة البشرية الصلبة للدعم السريع وعربان الشتات والساحل الافريقي وإنهاء إمكانية تهديدهم لدول في المحيط الإقليمي وهي دول تدين بالولاء لذات الممول للجنجويد في حربهم ضد السودان .
وأيضا مستفيدين بإتجاه آخر وهو أن الحرب الحالية الآن قد دمرت فعليا البنية المادية الأساسية للسودان في كافة الجوانب والمرافق وبالتالي فالسودان لكي يستعيد ما دمرته الحرب فإن هذا يحتاج لسنوات عديدة وذات الممول للحرب يمكنه أن يتحول في إطار صفقات المصلحة الدولية لممول لعمليات الإعمار ولكنه لن يخرج إلا بمقابل مجزي لعمليات الإعمار والتي يمكن أن تتم لصالحه عبر شركات مسجلة في بلدان أخرى.
أيضا فإن هذه الحرب ستضعف قدرة السودان مرحليا للتأثير في محيطه الإفريقي والعربي والدولي لأنه سيكون مشغولا بمعركة الإعمار وإعادة البناء وتضميد الجراح هذا فضلا عن تمتين الوضع الأمني الداخلي ومعالجة الإختلالات الأمنية التي تعقب الحرب .
إذن فالحرب برغم انتصارات القوات المسلحة السودانية فيها بشكل واضح إلا أنه حققت للأعداء بعض المكاسب منها وأهمها هلاك قوة بشرية قوية ومؤثرة في المحيط الإفريقي كان يمكن بتأهيلها وإدماجها في مجتمعاتها المحلية أن تكون رافدا تنمويا جيدا في بلدانها إن تمكنت تلك البلدان من استيعابهم وتحويل طاقاتهم للنفع العام بدل القتال مقابل النهب والسلب في مواطنهم الإصلية أو كمقاتلين مع بنو عمومتهم في السودان أو العكس إن حدث ذلك في بلد آخر .
أكتسب الأعداء أيضا تدمير البنية التحتية ومجمل الحياة المدنية في السودان من طرق وكباري ومستشفيات وجامعات ومدارس ومصادر للطاقة والمياه فضلا عن تدمير ونهب ممتلكات المواطنين وإفقارهم بشكل ممنهج ويحتاج السودان لإعمار كل هذا الخراب لأموال ضخمة ووقت كبير لإعادة تطبيع الحياة وإعادة تشغيل دولاب الدولة بما يحقق التنمية ورفاهية المواطن وبالتالي سيشكل هذا ضغطا هائلا على الحكومة والشعب السوداني في المرحلة القادمة مما قد تستغله التيارات السياسية التي كانت تقف ضد القوات المسلحة السودانية في هذه الحرب وستحاول تعكير الأجواء الحياتية للناس بضغوط سياسية وتهييج المجتمع الدولي ضد البلاد بأسم المدنية والديمقراطية وحقوق الإنسان هذه الدعاوي التي لا يراد بها إلا تمكين الباطل وهزيمة انتصارات الشعب السوداني وقواته المسلحة السودانية والقوات النظامية والقوات المشتركة لإعادة إنتاج الأزمة من جديد .
فهل نحن مدركون لما يحاك لنا ولشعبنا وأمتنا .
سيمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين