منصة السودان الأولى
التواصل الاجتماعي

زاوية خاصة نايلة علي محمد الخليفة مهر الوصول إلى الحبيبة مدني

0

زاوية خاصة
نايلة علي محمد الخليفة

مهر الوصول إلى الحبيبة مدني

قد يتكىء أحدهم وهو يرتشف فنجان القهوة ، ثم يسأل صاحبه (أخبار مدني شنو) ، وآخر يُنصب نفسه خبيراً عسكريا ، يدون لا لوقف العمليات العسكرية ، لا لتأخير الحسم ، اي تاخير في تحرير مدني يعني اعطاء المليشيا ،فرصة لترتيب صفوفها وتجميع قواتها، وأخير ينام على وسادته الحريرية ، يحمل أحدث أجيال الهواتف الذكية ، يكتب على الإسفير منشوراً من بلاد الفرنجة ، يستفسر بتهكم وسخرية ، (ماقلتو مدني قريبة) ، فيأتيه الرد في تعليق على شاكلة قنبلة هيروشيما ونجازاكي ، مدني سيحررها الرجال لا أشباه الرجال ، فإن كنت رجلاً فاهبط مهابط الرجال ، وإن كنت دون ذلك كف عن السؤال ، فمثل سؤالك لا يأتي إلا من ذوات الدلال.

حالة من الفزع تضرب اوساط المليشيا ، في ولاية الجزيرة وفي حاضرتها ودمدني ، ومن هناك يأتي النبأ اليقين ، عشرات المتعاونين تمت تصفيتهم ، الشك أصبح كالشيطان يسيطر على تفكير قادة المليشيا ، حتى أولئك المخلصين الذين بالغوا في العطاء ، وقدموا خدماتهم الجليلة لأفراد وقادة المليشيا ، فمنهم من قدم أخته هدية لود الضيف ، هؤلاء ممن يصنفون متعاونين درجة اولى ، هذه الأيام يتحسسون رؤسهم ، وينتظرون دورهم ويصرخون بصمت ، ليتنا لم نعمل ليتنا كنا ، فينطبق عليهم قول الحق عز وجل :(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ۖ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ) صدق الله العظيم.

ضربات موجعة بواسطة الطيران الحربي والطيران المسير ، أصابت أهدافها تماما في قلب مدني وفي شرقها ، هذه الضربات أربكت حسابات المرتزقة الأجانب ، الذين تستخدهم المليشيا فمنهم من زهد في القتال ، وأصبح يبحث عن مخرج ، ومنهم من يخشى التصفية فيضطر للبقاء وهو مكره ، وبين هذا وذاك ، منهم من يستخدم علاقاته القديمة ، مع أفراد قوات كيكل ، عارضاً الإستسلام لينجو ببدنه ، وفي كل الأحوال الدخول إلى مدني أصبح أقرب من أي وقت مضى ، ولكن متى سننتظر ساعة الجيش ،فهي التي تحدد الدخول إليها ، من أي مكان وفي اي زمان.

فكل شبر في الطريق إلى مدني مهره غالٍ ، ليس كما يظنه البعض انها قفزة بالزانة ، ففي كل كيلومتر مربع قصة شهيد ، وحكاية جريح ورواية أسير ومفقود ، فهي اقرب لقصة ذلك الشاب ، الذي شقي وتعب ليجمع ثروته ، فعاب عليه أحدهم شح يده ، وخاطبه “ياخ ما تفكها” ، فقال له أنت لا تدري ، كيف كان الوصول إلى الحبيبة أي الثروة ، بتُ أعواماً بأيامها ولياليها في العراء ، تتعثر اقدامي فوق الحجارة فتدمي ، وتتبارى الحيات والعقارب ، في أيهما تلدغني أولاً ، يجلدني الأغنياء على ظهري وبطني بالسياط ، وجَلدُ اللسان أعظم ، فالسياط أهون من جلد الكلام ، فالوصول إلى الحبيبة كاد أن يفقدني حياتي ، ولكن افقدني بعض الصفات ، التي قبرتها في الطريق إلى محبوبتي ، وما انا بشحيح ولكن أتصرف بمقدار ، فالطريق إلى مدني ليس كما يظنه متسكعي الأسافير وسابلتها ، فهو شاق ستهون شقاوته بحلاة الإنتصار..لنا عودة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.