صلاح التوم من الله *استعراض كتاب : [ثقافة أعلام صحافة ] تأليف : صلاح التوم من الله* ( *40*) *الأدب النسائي*
صلاح التوم من الله
*استعراض كتاب : [ثقافة أعلام صحافة ] تأليف : صلاح التوم من الله* ( *40*)
*الأدب النسائي*
من الظلم القول بانه لا يوجد ما يسمى بـ ( الأدب النسائي) أن نظرة المرأة الى نفسها والى الآخر وإلى العالم تختلف عن نظرة الرجل للاختلاف بين الاثنين من حيث النوع والتركيب الفسيولوجي والوضع الاجتماعي والتكوين النفسي وكل ما ينتج من تعبير عن معاناة المرأة كانثي يمكن وصفه بأنه (أدب نسائي) قد يكون خالصاً مائة بالمائة أو بنسب متفاوته عندما تدخل المرأة في ابداعها الانساني العام المشترك بينها والرجل ويمكن أن يتعاطى مثله الرجل ايضا أى أن المرأة تتحرك في القضايا العامة كانسانة وبجانب ذلك لها قضاياها الخاصة كامراة انثى حتى في الحب والزواج يختلف النظر اليهما بين المرأة والرجل ..
أهم قضايا تاريخية وراهنة للمرأة ظلم الرجل والمجتمع والقوانين للمرأة واشد هذه القضايا دراما ما تلاقيه في احتكاكها الشخصي بالرجل من استبداد وقهر وطغيان وعذاب وتطبيق عادات وتقاليد تجعل الرجل سيدا على المرأة ولذلك فان قضية المرأة الاساسية التي تعبر عنها سیاسيا أو أدبيا أو فنيا النضال لتكسير القيود ونيل حريتها واستقلالها عن استعباد الرجل لها. يتفاوت ذلك بين امرأة واخرى بل توجد اعداد كبيرة من المستسلمات والخاضعات للأمر الواقع باعتباره قدرا أو ما خلقن له. ووطأته أقوى بكثير من قدرتها على التحرر منه، بل هناك نساء مؤمنات بأحقية الرجل في استعبادهن ولا أبالغ اذا زعمت أن فئة منهن تجد لذة في ذلك. وهذا منطلق لاعمال أدبية أشد قوة واثارة لتشريح مثل هذه الحالات. فالسائد الأعمال الأدبية النابعة من استعباد الرجل للمرأة لذلك فان استمتاع امرأة باستعباد رجل لها موضوع عمل أدبي جاذب أكثر من غيره ..
لعل السؤال الهام : هل من شروط الأدب النسائي ان تكتبه امرأة ؟ .. المصطلح أساسا يقصد به الكتابات النسائية لكن أمور المرأة كأنثى كتب عنها الأدباء الرجال ليس فقط من خلال نظرة الرجل كرجل للمرأة بل عبر بعض الكتاب الرجال عن ما تحس وتشعر به المرأة كأنثى، واستمد هذه المعرفة من قربه الشديد من النساء ومعايشته لما يعتمل في دواخلهن ولذلك يمكن القول أن الأدب النسائي تكتبه المرأة لكن اذ احس كاتب رجل بخصوصيات ومشاعر ومعاناة المرأة كأنثى وكتب معبرا عن ذلك يمكن اعتباره انتساب الى الأدب النسائي مثلما يوجد رجال أعضاء في اتحادات نسائية بل أن الرجل فيه شئ من المرأة وان المرأة فيها شئ من الرجل ويتحول بعض الرجال إلى نساء والعكس والهرمونات الجنسية الانثوية والذكورية موجودة في كل انسان بنسب متفاوتة أكثر وأقل حسب التكوين الفسيولوجي لكل واحد ..
هل هناك أدب (رجال) أسوة بما يسمى
(الأدب النسائي)؟ لا يخلو الأمر من طرافة لكن الرجل في سياق جبروته جعل ما ينتجه من أدب وفن أرفع وأعلى واوسع من ان يؤطر في حيز مصطلح ضيق يسمى أدب رجال بل هو أدب انساني عام وشامل للرجل والمرأة والمجتمع بكل اجناسه. لكن اذا رجعنا إلى الواقع نجد ان المرأة هي التي عندها خصوصية نابعة من أزمتها كأنثى لكن الرجل ليس لديه بالمثل خصوصية كذكر لأنه لا يعاني كذكر من أزمة نابعة من نوعه الجنسي بل هو العنصر السالب في أزمة المرأة .
صلاح التوم من الله
صحيفة الصحافة – ٢٦ / ٥ / ٢٠١٤
*****
مقال رقم ( ٤١ )
يوم المرأة ويوم الرجل
صلاح التوم من الله
يحتفل العالم – ومن ضمنه السودان – سنوياً باليوم العالمي للمرأة.. ولا يخصص يوم عالمي آخر للرجل… وفي هذا تفضيل وتكريم للمرأة.. وقد يفهم على أنه (صدقة) للمرأة لا يحتاجها بالمثل الرجل.. ومازالت المرأة في أماكن عديدة من العالم مضطهدة من الرجل لكن في السودان تغير الوضع إلى حد كبير.. وتنال المرأة مكانة محترمة ومقدرة في المجتمع.. ومفتوح أمام المرأة السودانية المجال بالكامل في التعليم والعمل والحقوق الأخرى مثل الرجل. قد تكون هناك بعض الحقوق المهضومة لكن عموما الموقف أفضل بكثير من دول أخرى تزعم أنها متقدمة في هذا الشأن ..
وعلاقة المرأة بالثقافة كعلاقة الرجل، وهي علاقة إنسانية في المقام الأول .. الأدب الجيد مثار انجذاب القراء إليه نساءً أو رجالاً، ولا تكتب الكتب مع لافتة
عليها (للرجال فقط) أو (للنساء فقط) ..
وان يكون الرجل من قراء مجلة (سيدتي) أو (حواء) ليست جريمة يعاقب عليها القانون. والمجلات النسائية يكتب فيها الرجال ويقراؤها الرجال، والمجلات الرجالية في الغرب تطلع عليها النساء أكثر من الرجال ومن ملاحظاتي أن المجلات النسائية العربية يحرص منتجوها على ارضاء غرور المرأة واشباع نرجسيتها
وتعلقها بهدف الربح المادي .. ولعل السؤال : هل المجلات النسائية تصدر من أجل معرفة المرأة بنفسها وحاجاتها الجمالية والنفسية والاجتماعية والثقافية؟ أعتقد أن الإجابة بنعم .. لكن الرسالة ناقصة. ما لم يفكر فيه المنتجون، وأعتقد انه مشروع صحفي ناجح اصدار مجلة نسائية موجهة إلى الرجال في المقام الأول ورسالتها ان يعرف الرجل المرأة ويكتشف أسرارها ويميط اللثام عن اللغز .. ان المرأة تعرف المرأة وتعرف نفسها، والأكثر الحاحاً أن يعرف الرجل المرأة عن كثب .. وان تعرف المرأة الرجل عن كثب أيضا في مجلة رجالية مخصصة للنساء في المقام الأول ..
والقول بأن المرأة يصعب فهمها أو الغوص في داخلها يدل على العجز، لأن العلم كفيل بتفسير أكثر المسائل تعقيدا وصعوبة .
صلاح التوم من الله
صحيفة الصحافة – ٩ / ٣ / ٢٠١٥
*****
مقال رقم ( ٤٢ )
قالت لي ( السمراء )
صلاح التوم من الله
بكل بذخ جمالي .. وبكل مفهومية .. وبوجه صحفي مشرق تطل علينا (السمراء) مجلة شعارها (للسودان مجلة تليق به) .. الآن ليس بوسع حسين خوجلي الحديث عن أنه الوحيد الذي بدأ مهنة الصحافة بمنصب رئيس تحرير .. الشاعرة الإذاعية روضة الحاج تفعل ذلك في المجلة الصادرة في فبراير ۲۰۱٥م عن شركة كنداكا جامعة بين رئاستي التحرير ومجلس الإدارة .. بعد أجيال من المجلات النسائية السودانية ابتداء من مجلة (بنت الوادي) ومجلة (صوت المرأة) ومروراً بمجلات (حواء الجديدة) و(الأسرة السعيدة) و (مهيرة) ووصولا إلى مجلات (عزة) و (اسرني) و (فتاتي) .. صدرت (السمراء) وفي جيناتها الإرث والجنس والهوية منفتحة على الخريطة العربية مستفيدة شكلاً خاصة في الغلاف من الموضة والنيولوك الذي تقشر به مجلات اجنبية وعربية حديثة أكثرها تداولا في السودان (سيدتي) و(زهرة الخليج) ..
مائة وعشر صفحات في العدد الأول من مجلة (السمراء) حفلت باسماء أربعين صحافيا وكاتباً من الجنسين، تقاسموا الموضوعات فجاء عشرون اسما للرجال في مجلة نسائية عرفانا بمقولة : وراء كل رجل صحافي وكاتب في مجلة نسائية امرأة ملهمة غالبا أمه وأحيانا زوجته وربما حبيبته ..
طبعا ليس بالضرورة أن يكون كل أعضاء اتحاد المرأة من النساء وفي وقت من الأوقات كان رئيس الاتحاد النسائي اللبناني رجلا – صدق أو لا تصدق – وليس معنى المجلة النسائية أن تكتبها فقط بنات حواء .. أربعون صحافيا وكاتبا وشاعرا في مائة صفحة تقريبا يدل على
غلبة المواد القصيرة والمنوعات وعدم التطويل، وهذا النهج السائد الناجح الملائم للعصر ولتوجه المجلة باعتبارها عامة وليست مخصصة للصفوة فقط وليست أكاديمية، وباعتبارها شاملة تهتم بكثير من المجالات وليست مقتصرة على مجال واحد ..
كتبت في المجلة روضة الحاج، نسرين النمر، داليا الياس، رفيدة ياسين ، زينب السعيد، مشاعر عبد الكريم، سلمى سيد، فاطمة العتباني .. وشارك بثلاثة موضوعات كل من صباح موسى وعثمان الأسباط كما شاركت الشاعرة الكويتية سعاد الصباح بقصيدة (إهداء خاص) ومن سلطنة عمان الكاتبة د. سعيدة بنت خاطر الفارسي .. وأحمد الهلالي من الطائف السعودية ..
وتضمنت المجلة قصيدتين للراحلين نزار قباني ومصطفى سند. وشارك فيها الصافي جعفر وعلي مهدي وعز الدين ميرغني ود. خالد محمد فرح وحرصت مجلة (السمراء) على كاتب مريخي مزمل أبو القاسم وآخر هلالي ياسر عائس .. وسمراوات الموردة السمرة
الجد جد الما معاها كريمات تبييض ليهن الله وعيشة السوق ..
كل هذه الأسماء التي ذكرناها وغيرها لا تجتمع إلا في مجلة السمراء الشهرية، وكثرة الأسماء الناجحة والمشهورة في اصدارة واحدة تدل على انها تضم بين دفتيها كما كبيرا وغزيرا من الإبداع والمعرفة وفوائد الاطلاع والقراءة ..
زينت مجلة السمراء غلافها بصورة ميادة محمد عبده المذيعة السودانية في قناة الجزيرة مع حوار داخلي معها، وتضمنت المحتويات حوارات أخرى مع البروف إبراهيم غندور والفنان يحيى الفخراني وعالمة الفضاء السودانية وداد المحبوب والممثلة سمية عبد اللطيف وزوجها الفنان التشكيلي كمال عبد اللطيف ..
كما احتوت على أخبار فنية وصفحات خاصة بالطب والصحة والرياضة والاقتصاد والسياسة والديكور والأثاثات المنزلية ووجبات الطعام والأزياء وبعض الاعلانات وموضوعات أخرى ..
مجلة (السمراء) بالألوان والورق المصقول، لكن بتقشف دون صخب وبهرج ولم تعريد الصور الصارخة الألوان، بل كانت الكلمة للكلمة وفي البدء كانت الكلمة..
لم يعجبني في مجلة (السمراء) سعرها عشرة جنيهات .
صلاح التوم من الله
صحيفة الصحافة – ١٦ / ٢ / ٢٠١٥